نتائج التوجيهي… بداية الطريق لا نهايته
بقلم: الدكتورة نوال محمد يوسف نصير
في كل عام، حين تصدح مكبرات الصوت بزغاريد الفرح، ونشهد دموعًا تختلط ما بين الفرحة والحسرة، نعلم أننا نعيش لحظة نتائج الثانوية العامة — التوجيهي، تلك اللحظة التي يترقبها وطن بأكمله، لا بيت فيها يخلو من قلب نابض ينتظر رقمًا قد يظنه قدرًا.
إلى أبنائنا الناجحين، ألف مبارك لكم هذا الإنجاز الذي صنعتموه بالكد والتعب، وبتضحيات سهر الليالي وتعب الأيام. فرحتكم اليوم مستحقة، ولكن تذكّروا دائمًا أن التوجيهي ليس النهاية، بل هو مجرد بداية لمسار طويل، يُبنى فيه المستقبل على ما هو أعمق من العلامة: يُبنى على الشغف، الإصرار، والنية الطيبة.
وإلى من لم يحالفه الحظ هذا العام… دعوني أقولها لكم من القلب: أنتم لستم فاشلين. أنتم في محطة تأمل، لا نهاية طريق. عدد من أعظم من مرّوا بتاريخ البشرية لم ينجحوا من المرة الأولى، بل نجحوا لأنهم لم يتوقفوا بعد أول سقوط. الرسوب ليس عارًا، العار أن نستسلم ونخجل من المحاولة مرة أخرى.
أبنائي وبناتي، إن التوجيهي مهم، لكنه لا يقيس قيمتكم الحقيقية. لا يقيس أخلاقكم، طيبتكم، طموحكم، ولا قدراتكم الكامنة التي تنتظر من يوقظها. فكم من طالب تفوّق بعد الإخفاق، وكم من إنسان رسم لنفسه طريقًا لم يكن مرسومًا له.
لا تجعلوا الأرقام تحدد مستقبلكم، بل اجعلوا الإرادة والتخطيط والعمل الصادق هي التي تقودكم نحو مستقبل تفتخرون به.
إلى الأهل الكرام، لا تقيسوا أبناءكم بالنتائج فقط، بل احضنوهم في الفرح والخذلان. دعوهم يشعرون أن الحب لا يُشترط عليه النجاح. ابنكم لم يفشل، بل يمر بتجربة تحتاج منكم دعمًا لا ضغطًا، احتواءً لا مقارنة.
في الختام:
فرحتنا بنجاح أبنائنا لا توصف، ولكن الأجمل أن نحتضن كل من تعثر، ونمسك بأيديهم ليقفوا من جديد.
فلكل طالب… نجحتَ أو لم تنجح، أنت تستحق الاحترام، وتستحق فرصة جديدة، وتستحق أن تؤمن بنفسك أكثر من أي وقت مضى.
مبارك للناجحين… ودمتم جميعًا على درب الأمل، والإرادة، والطموح.
د. نوال محمد يوسف نصير
كاتبة، أكاديمية، وقائدة إدارية تؤمن بأن الفشل ليس نهاية الطريق، بل هو نقطة انطلاق لقصة نجاح جديدة تُروى