الدكتور علي حناوي يكتب: الأردن بين القوة و الدبلوماسية ؛ صخرة لا تهزها التهديد
وكالة الناس
بقلم الدكتور علي حناوي
بين صخور عجلون ورمال وادي رم، وبين ضفاف البحر الميت ودهاليز العاصمة عمان، ينبض الأردن قلباً حقيقياً للكرامة الوطنية والإرادة الصلبة.
في الأيام الأخيرة، خرج بنيامين نتنياهو بتصريحات تهدد سيادة الأردن، معلناً أحلامه الطموحة بـ”إسرائيل الكبرى”، ظانًا أن مجرد كلمات يمكن أن تهز دولة عاشت أكثر من قرن من التاريخ والصمود ،لكنه ينسى أن الأردن ليس مجرد خط على الخريطة، بل حائط صلب يحمي الأمن الإقليمي، وشعبٌ يعرف كيف يحمي الأرض والكرامة.
الأردن منذ تأسيسه لم يكن مجرد لاعب على رقعة الشطرنج الإقليمي، بل قوة فاعلة وموازن استراتيجي.
استقباله لمئات الآلاف من اللاجئين عبر العقود، وتحمله تبعات النزاعات الإقليمية، لم يُضعف الدولة، بل صقل قدرتها على إدارة الأزمات بذكاء سياسي وحكمة دبلوماسية ؛فهو يحتفظ بعلاقات متوازنة مع جميع الأطراف الإقليمية والدولية، ويشكل جسراً دبلوماسياً وحاضنة للحوار، بينما يحمي مصالحه الوطنية العليا بصرامة وحنكة.
التاريخ يشهد أن الأردن واجه أطماع التوسع والتعدي بصلابة
معركة الكرامة عام 1968 ليست مجرد حدث عسكري، بل رمز خالد لصمود الأمة وإرادة شعب لا يُقهر ،فالدروس المستفادة من هذه المعركة ومن المواقف الأردنية في أحداث لبنان عام 1970، وحتى مشاركته في حفظ الأمن الإقليمي لاحقاً، تثبت أن الأردن يعرف متى يواجه الأطماع مباشرة ومتى يستخدم أدوات السياسة والدبلوماسية لصيانة الأمن والاستقرار.
اليوم، القوة الأردنية تتجاوز الجغرافيا والجيش والأمن الداخلي، لتصل إلى المشهد الإقليمي والدولي.
لقد كان وما زال الأردن طرف أساسي في مبادرات السلام، شريك استراتيجي في مكافحة الإرهاب، ووسيط فعال في الأزمات الإقليمية، ويعرف كيف يوازن بين القوى الدولية والمحلية لصالح الأمن والاستقرار. كل محاولة للتهديد أو الاستهانة بدوره تصطدم بصخرة إرادته، حيث يقف الشعب كله صفًا واحدًا خلف قيادته، ملتفاً حول قيم الشرف والتضحية والانتماء، وجاهزاً لتحويل أي تهديد إلى قوة ووحدة.
الأردن ليس دولة صغيرة على الورق، بل ركيزة أساسية للاستقرار في بحر من التوترات والصراعات ،حدوده ليست مجرد خطوط على الخريطة، بل مشهد حي لصمود شعب بأكمله، كل جبل، وادٍ، ومدينة، يحمل ذكرى بطولات وتضحيات متراكمة عبر العقود.
كل مشروع توسعي أو أطماع خارجية سيصطدم بحائط من الوحدة الوطنية والعزة الأردنية، كما اصطدم بالأمس في الكرامة وما بعدها.
كل حجر في صخور عجلون، وكل موجة في البحر الميت، وكل ذرة رمال في وادي رم، يحكي قصة دولة لا تنكسر، قيادةً وشعبًا وجيشاً.
فالأردن رسالة واضحة لكل من يستهين به ، الأرض والكرامة خط أحمر، وكل أطماع الخارج ستتحطم على صخرة إرادته.
اللهم احفظ الأردن، وامنحه القوة والسكينة، وارفع رايته عالية خفاقة، واحمِ قيادته وشعبه، واجعل كل من طمع فيه عبرة لمن يعتبر .