الحكومة هي المسؤولة عن إعادة الثقة
سلامة الدرعاوي
تصرفات الحكومات وسياساتها التي اتبعتها في السنوات الماضية أدت إلى نزع فتيل الثقة بينها وبين المواطن الذي لم يعد يصدق ما تقوله أو تفعله، فالنتائج خاصة على الصعيد الاقتصاديّ كانت مخيبة للآمال وعكس ما خطط له في كثير من الجوانب.
انهيار الثقة ليس وليد قرار حكومي، بل هو عملية تراكمية استمرت لسنوات طويلة أدت إلى هذا المستوى المتدهور من العلاقات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية مع الشّارع، وبدأت تنمو حالة التشكيك بكل مخرجات السياسات والإجراءات المختلفة لا بل تطورت الحالة إلى نوع من التنمر والاستهزاء كالذي نراه يومياً على صفحات التواصل الاجتماعيّ.
حالة انهيار الثقة في الخطاب الرسمي تتحملها الحكومات وحدها دون غيرها، باعتبارها صاحبة الولاية في إدارة الدولة وهي من خططت ونفذت.
الحكومة بحاجة إلى خطوات مهمة وجريئة في مسألة التعيينات تعتمد على الشفافية والنزاهة والكفاءة في اختيار من يخدم الصالح العام، للأسف فقد أدت الصفقات الجانبية بين الحكومة والنوّاب وقوى متنفذة إلى تجاوز سيادة القانون في التعيينات التي بتنا ندفع ثمنها اليوم، لا بل أصبحت الوظائف والمناصب المختلفة حتى الوزارية منها قائمة على الارضاء والمحاصصة، وتطوّر المشهد بشكل مؤلم مع تعيينات عشوائية في مواقع قيادية هدفها إسكات صراخها اليومي على الحكومات، وهذا ما فتح باب شهية الجميع على التطاول على الحكومات والسياسات وتأليب الشارع.
الحكومات هي المسؤولة أولاً وأخيراً عن تنامي عجز الموازنات وخروجه عن النسب المستهدفة في قوانين الموازنات العامة، نتيجة الإنفاق العشوائي والقرارات الماليّة الشعبوية التي ستدفع الاجيال ثمنها في المستقبل القريب.
الحكومات وحدها المسؤولة عن فشل العملية الإصلاحية في الجهاز الإداري للدولة، والوصول به إلى هذا المستوى الإداري الضعيف الذي بات مكلفا على الاقتصاد والإصلاح معاً، نتيجة عدم اتخاذ القرارات السليمة في الوقت الصحيح، والخضوع لمراكز القوى والتدخلات المختلفة في قراراتها.
الحكومات هي التي وعدت المواطنين انه في حال رفع الدعم عن المحروقات سينخفض عجز الموازنة وستتحسن الأمور الماليّة العامة نتيجة هذا القرار، وللأسف ارتفع الدعم والعجز معاً، و” كأنك يا أبو زيد ما غزيت”.
الحكومات هي التي وعدت بالإنفاق الرشيد والتوظيف الصحيح للمساعدات الخارجيّة، وهي ذاتها من بحاجة لتلك المساعدات التي ذهبت باتجاهات اتفاقية غير رشيدة على الإطلاق، ولم يكن لها أي قيمة مضافة على الاقتصاد الوطني كالذي حصل في إنفاق المنحة الخليجية بقيمة 3.6 مليار دولار، ذهبت وتبخرت ولم يشعر بفائدتها غير أولئك الذين فتحت شوارع لمزارعهم بقيمة 1.1 مليار دولار.
الحكومات هي من أعلنت عن مخططاتها لتنفيذ مشاريع كبرى تخدم العملية التنمويّة، وهي التي تتحمل مسؤولية عدم السير فيها أو التأخير في تنفيذها لسنوات طويلة، علماً ان مخصصاتها الماليّة كانت منذ سنوات عديدة كمشروع الباص السريع على سبيل المثال لا الحصر.
إعادة ترميم جدار الثقة بين الشّارع والحكومات يحتاج تحركا رسميا مبنيا على العدالة والشفافية وتعزيز سيادة القانون والعدالة التي يجب ان يشعر ويتأكد منها المواطنون بإجراءات على أرض الواقع مبنية على التخطيط السليم، يعقبها التقييم والمساءلة والحساب، بعيدة كُلّ البعد عن الشعبويات الزائفة التي للأسف يدفع ثمنها الجميع من فقدان الثقة وغياب العدالة.
وكالة الناس – الغد