0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

المكاشفة تعني المناقشة المؤمنة بالحرية الفكرية

  
إن فقدان المكاشفة وانعدام المحاورة والتعنت في إبداء الرأي من أسباب تخلفنا الاجتماعي على الرغم مما نملكه من معطيات جميلة وما تختزنه من علوم ومعارف وما نملكه من إمكانات مادية وبشرية فالمكاشفة بين الناس أساس وقياس لمختلف المفاهيم الحياتية الإنسانية حيث ستزول مساوئ النوايا وتطمئن النفوس وترتاح الخواطر وتعم الثقة وتختفي الشكوك وتنعدم المراقبة وكتابة التقارير الكاذبة التي توقع بين بني البشر الاذى والمساوئ التي تأخذ بها الانظمة القمعية ضد مواطنيها دون بينة واعتبار وهذه الظاهرة كانت وما تزال قائمة في أكثر من قطر عربي مشرقي ومغربي على السواء والمكاشفة أيضا تعني المناقشة المؤمنة بالحرية الفكرية وبالصراع الفكري فالاختلاف في الآراء لا يفسد المودة كما يقال في أمثالنا العربية التي لا تعمل بها مقدار حبة خردل فالحوار شرط أساسي لاكتمال ونضج المناهج والمنظومات الفكرية والعقائدية في بعدها الاجتماعي ــ الحضاري الإنساني فالآراء الأحادية الاختزالية لا تستقي إلا من موارد العصبيات الفئوية والولاءات الضيقة المنفلقة ولا تعتبر في تطلعاتها ورغباتها إلا من فتحاتها فكل فكر منغلق على ذاتة يتحول تدريجيا وتحت وطأة الذات والتشدد إلى حالة لاهوتية مقدسة لا تعير العقل أي قيمة أو معيار فغياب المكاشفة الحوارية القائمة على ناموس العقل المبدع الذي به نعاقب أو نثاب يوم الحساب تقع مسؤوليته على أصحاب التيارات الفكرية والعقائدية المتنوعة دون استثناء وانتفاء الحوار العقلاني الحر أدى إلى نتائج مأساوية حادة ما تزال أحداثها المؤلمة ماثلة أمام أعيننا في مختلف ديارنا وأمصارنا إذن لابد للذين يقلقهم مصير الإنسان العربي البائس أن يتكاشفوا ويتصارعوا بالفكر والكلمة لا بالسلاح أو التخوين أو التفكير وأن يرتقوا فيما يتكاشفون ويتصارعون ويتحاورون إلى مرتبة المعرفة فالهوة سحيقة بين ما نحن عليه من تراجع ونكوص وبين ما ندعيه لآنفسنا من تمايز وفرادة ولردم هذه الهوة علينا بالعودة إلى النقدية العاقلة الواعية لآنفسنا أولا وبتحميل سلوكياتنا الاجتماعية والثقافية والعقائدية وهذا الآمر يتطلب جهدا مدنيا راقيا لا قاصيا بعيدا عن استحضار عصبيات الخلاف والفتن وخطب المزايدات الكلامية التي ابتلينا ومازلنا نبتلي بها شر ابتلاء ومن غير تعصب أو تحزب أو جعل مآسي الماضي تحكم على مبتغيات الحاضر وعلى قا عدة فقهية تقول ان الضرورات تبيح المحظورات وبذهاب زمن بما فيه ومجيء وقت بما يقتصيه فالسؤال المطروح : ألم يحن الوقت لكي نجلس جميعا حول طاولة الحوار من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار مرورآ بالوسط لنتحاور ونتصارح من غير تشنج أو تصلب ومن دون زعيق أو نعيق في مكاشفة فكرية غير كثيفة فلعلنا نخرج من عنق الزجاجة التي أسرنا بها أنفسنا ردحآ طويلا من الزمن من دون أن نقوى على الخروج منها لا بالكيف أو بالعصى والسيف فليس عيبآ أو عارآ من ان نختلف فيما بيننا ولكن من غير أن تحولنا الخلافات المذهبية أو الطائفية والحزبية إلى إثارة الفتن وإشهار السلاح وتصعيد المواقف واستنفار العواطف واستغلال الفرص وتجييش الغوغائية فجميعنا في مركب واحد فإما أن يغرق أو أن يصل بنا إلى شاطئ الآمان والسلامة فالآمة أمتنا والوطن وطننا والدين ديننا والناس ناسنا وأهلنا وأحبتنا فلتتنقى النفوس ولتتقوى العزائم وتتطهر النوايا من الشكوك والطوايا فعدونا واحد فحب الأوطان من الدين والإيمان والصعود الى السماء سلالمه المحبة ودرجاته التسامح والغفران والدفع بالتي هي أحسن فإن الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وحبوا بعضكم بعضآ فمن ضربك على خدك الأيمن در له خدك الأيسر ولا تدينوا حتى لا تدانوا فلا سماء بلا أوطان ولا أوطان بلا أرض والأرض أم الإنسان والأمة من الام بعدئذ يمكننا القول بأننا كناخير أمة أخرجت للناس وفيها قوة لو فعلت لغيرت وجه التاريخ وبالله المستعان على اعدائنا الداخليين قبل اعدائنا الخارجيين فالسؤال المطروح اين نحن من تعاليم الدين الاسلامي العظيم الرافض لكل تعصب وتكفير وتنفير ولا يسعنا الا نشكو احوالنا المعيبة الى رب العالمين ولرسوله الصادق الامين؟
بقلم جمال ايوب