حقّ الأشخاص ذوي الإعاقة في تكوين الأسرة
وكالة الناس – الإنسانُ مِن خلق الله تعالى، واللهُ سبحانه خلق الإنسانَ في أحسن تقويم، وقد يبتلي الله بعض عباده بإعاقة أو مرض أو غير ذلك، ودوْر العبد هنا أن يصبر ويعالجَ ما به من ابتلاء إن استطاع، وعلى باقي الخلق احترام إرادة الله وصنعه، فيحرم أن تصدر منهم شماتة أو استهزاء أو همز ولمز في حق المبتلى؛ لأنّ ذلك يكون استهزاءً بمن خلق وصوّر، فالإنسان لم يختر بنفسه أن يكون صاحب إعاقة أو مرض.
ومن الطبيعي جدّا أن يرغب الأشخاص ذوو الإعاقة بالزواج وتكوين الأسرة؛ لأنهم بشرٌ كسائر البشر، عندهم أحاسيس ومشاعر ورغبات وشهوات، ككل الناس، لا يختلفون عنهم، هذا من المسلّمات التي تغيب عن الأذهان، وكلّ إنسان فينا معرض لحادث أو مرض –لا قدر الله- يفقد من خلاله عضوا أو منفعة عضو، فيصير ضريرا بعد أن كان مبصرا، أو أصمّا بعد أن كان سميعا، أو محتاجا للكرسي المدولب بعد أن كان يسير على قدمية، وكل ذلك لا ينقص من آدمية الإنسان، يظلّ بشرا ككلّ البشر يحتاج إلى أسرة يكونها ويعيش فيها.
لا أتكلم عن الشفقة على الأشخاص ذوي الإعاقة، بل عن حقّ لهم، حقهم في تكوين الأسرة، ولا مانع من تخفيف أعباء الزواج عنهم، من باب التمييز الإيجابي، لكنّ حقهم في تكوين الأسرة يظلّ ثابتا وأصيلا ككل البشر.
كثيرة تلك الإعاقات التي يبتلى بها الإنسان، لكنها لم تستطع أن تقف في وجه أصاحبها، فكم وكم عندنا من المبدعين كانوا من الأشخاص ذوي الإعاقة، ومنهم: الإمام الترمذي صاحب السنن، فقد كان كفيف البصر، والقائد الفاتح موسى بن نصير، فقد كان أعرج، وعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، الذي كان ضريرا.
كما يحضرني العالم ستيفن هوكينج الذي عانى من التصلب اللويحي، وحظي بكرسي الأستاذية الذي ناله إسحاق نيوتن، وكذلك جون ناش -عالِم الرياضيات المبدع والحاصل على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية عام 1994- كان مريضًا بالفصام.