واشنطن بوست: الملك يحث على العمل الدبلوماسي لإنهاء الصراع السوري
، محذرا من أن جارته الشمالية متجهة كما يبدو، وعلى نحو متزايد، نحوالفوضى أو التفكك الذي يمكن أن يهدد المنطقة لعقود قادمة.
وقد عرض الملك عبدالله الثاني قراءة صريحة للصراع الممتد منذ عامين خلال اجتماعات عقدها هذا الأسبوع مع زعماء الكونغرس ومسؤولي البيت الأبيض، مقدما أدلة تؤكد أن مخاوف تتردد منذ زمن من احتمالية تفتت سوريا على أسس طائفية تتسارع.
وخلال لقاء له في البيت الأبيض الجمعة قال الملك إن “تفكك المجتمع السوري قد بات مقلقاً أكثر وأكثر”.
“إننا نرى الآن صعود الخطر التالي بشكل ملحوظ، وهو المنظمات الإرهابية المسلحة التي زاد حضورها خلال الأشهر الأخيرة”، يقول الملك عبدالله لممثلي وسائل الإعلام قبيل اجتماعه مع الرئيس أوباما، وهو الاجتماع الثاني خلال شهر.
فعلى الرغم من المكاسب العسكرية التي حققها المتمردون في أجزاء من البلاد، يرى مسؤولو إمكانية استدامة الصراع لعدة أشهر أو أبعد من ذلك، بدون تمكن أي طرف من تحقيق نصر حاسم. “وإذا ما ترك الصراع على مساره الحالي فإنه سيقود إلى دولة فاشلة تشبه حكم الطالبان، أو مجموعة دويلات صغيرة” على حد تعبير مسؤول أردني أصر على عدم الكشف عن هويته، وهو يناقش تقييمات استخبارية.
وقال مسؤولون أمريكيون وأردنيون مطلعون على إيجازات الملك عبدالله في الكونغرس، إن العاهل الأردني عبر عن قلقه بشكل خاص إزاء الهيمنة المتزايدة للتنظيمات الإسلامية المتشددة المرتبطة بالقاعدة. وحذر مسؤولون أردنيون من أن الإسلاميين قد يشكلون عنصر لزعزعة الاستقرار في المنطقة لسنوات، بل ويمكن أن يصلوا إلى السلطة في بعض المحافظات في حال انهيارالبلد.
وعلى الرغم من فشل المبادرات السابقة، حث الملك على المحاولة من جديد للوصول إلى تسوية سلمية من خلال المفاوضات، باعتبار أن ذلك هو المسار الواقعي الوحيد نحو إنهاء الصراع والحيلولة دون تشرذم سوريا، أو تركها لمصير ينطوي على استمرار إراقة الدماء إلى ما لا نهاية. لكنه أقر بأن مثل هذه التسوية لن تكون مقبولة للمتمردين ما دام بشار الأسد في السلطة.
أما مصدر القلق الأكثر إلحاحا بالنسبة للأردن فهو عبء رعاية أكثر من نصف مليون لاجئ سوري، لجأوا هناك منذ بداية الصراع قبل عامين. وقد طلب الملك 850 مليون دولار على شكل مساعدات أمريكية جديدة هذا العام لمساعدة الأردن على مواجهة تدفق اللاجئين الذي يهدد بأن يغمرالمملكة، وهي بلد شحيح الموارد يقطنه ستة ملايين نسمة، ويعاني أصلا من ارتفاع معدلات البطالة، ونقص مزمن في المياه وانقطاع في إمدادات الطاقة قبل بدء الأزمة.
وقد ازدحم أكبر مخيم للاجئين السوريين في الأردن، والمعروف باسم الزعتري، بسكانه، مما يجعله فعليا خامس أكبر مدينة في الأردن. وبحلول نهاية العام، من المتوقع أن يتجاوز عدد اللاجئين في الأردن المليون، مما سيشكل ضغطا على إمكانيات المدارس والمستشفيات في البلاد.
ويتمتع الأردن، وهو حليف رئيسي للولايات المتحدة في المنطقة، بشراكات مع إدارة أوباما في مبادرات تشمل عمليات مكافحة الإرهاب، ودعم عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتوفير نقطة انطلاق لجهود الإغاثة الإنسانية منذ بدء الأزمة السورية، وقد نفى الملك عبدالله علانية التقارير المنشورة أن أجهزته الأمنية تقدم التدريب العسكري للثوار السوريين.
الرئيس أوباما وعد مزيداً من المساعدات الأمريكية للأردن، وأشاد بالملك عبدالله وبجهود الأردن لتحقيق الإصلاح السياسي، قائلا: “نحن نؤمن بأن الأردن يمكن أن يوفر نموذجاً غير مسبوق للحوكمة في المنطقة”.
إن الأردن الذي لم يشهد اضطرابات واسعة كما باقي جيرانه خلال ثورات الربيع العربي أجرى انتخابات تاريخية هذا العام، اجتذبت 60% ممن يحق لهم التصويت.
وقد عُدّت الانتخابات نزيهة من قبل المراقبين الدوليين، على الرغم من أن الأحزاب السياسية المتحالفة مع حركة الإخوان المسلمين قاطعت التصويت بحجة أن قواعد تنظيم العملية الانتخابية تحد بشكل غير عادل من قدرتهم على المنافسة على مقاعد البرلمان.
ويخشى مسؤولون أمريكيون من أن الاضطرابات في سوريا قد تعقد جهود الملك عبدالله لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والسياسية.وقد شهدت البلاد احتجاجات في تشرين الثاني بعد أن رفعت الحكومة الدعم عن البنزين وأنواع الوقود الأخرى، استجابة مع متطلبات صندوق النقد الدولي.
وتغذي الضغوط الاقتصادية حالة الاستياء الشعبي ضد اللاجئين، الذين ينافسون الأردنيين على فرص عمل وسكن محدودة.