0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

أهلاً رمضان

بقلم ناديه نوري 

فرحة رمضان فرحة عظيمة ينتظرها الصغار والكبار، نساءً ورجالًا، وحتى إخوتنا المسيحيون يبتهجون معنا ويشاركوننا هذه الفرحة. ومن حسن شكر الله الاهتمام بشعائر الدين، فقد قال الله تعالى: “وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ” [الحج: 32].

علينا أولًا إحياء سنة التبشير بقدوم رمضان، كما كان رسول الله ﷺ يبشر أصحابه قائلًا: “قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، افترض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغلّ فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم”.

شهر رمضان المبارك هو من أجمل الأشهر روحانيًا، حيث تتجلى فيه معاني الأخوة بين الغني والفقير، وبين الوزير والغفير. نجد المساجد تعج بالمصلين رجالًا ونساءً، أغنياء وفقراء، وحتى الأطفال، والجميع يتلهف لنيل المغفرة، أو الرحمة، أو الشفاء، أو تحقيق أمنية. إنه شهر كريم من رب كريم، كله منح ومكاسب، وصدق رسولنا الكريم ﷺ حين تحدث عن فضله، ففيه صيام النهار، وقيام الليل، وغفران الذنوب، واستجابة الدعوات، وتجمع الأسرة على مائدة واحدة.

ولكن، هل ما يحدث الآن من بعض الناس في رمضان يتماشى حقًا مع روح هذا الشهر المبارك؟! نجد البعض يسرف في الطعام، وينشغل بالعزائم المبالغ فيها، واللهو في الخيم الرمضانية، ومتابعة المسلسلات التي لا تخلو من مشاهد العنف أو الفجور، فهل هذا هو استقبالنا وابتهاجنا بالشهر الفضيل؟ أم ينبغي علينا استقباله بالتقارب والتعاون، والتقرب إلى الله بالطاعات، مثل صلاة التراويح، وإطعام الفقراء، والسؤال عن المرضى، وقراءة القرآن، الذي يهجره البعض طوال العام، والإكثار من الاستغفار، والذكر، والتسبيح، والابتعاد عن اللهو والغيبة والنميمة وتتبع عورات الناس؟

مع الأسف، عند البعض، تحول رمضان عن مساره الروحاني، وأصبح مناسبة للابتهاج الدنيوي البحت. فتمسك البعض بالقشور، مثل تعليق زينة رمضان، وشراء كميات كبيرة من الطعام تزيد عن حاجتهم، مما يحوّل شهر تهذيب النفس إلى شهر اتباع الشهوات، وأولها شهوة الطعام والإسراف فيه. وصدق فينا قول الله تعالى: “وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا” [النساء: 27].

يقول البعض إن العزومات فرصة لصلة الرحم والتجمع مع الأحبة، وهذا حق، ولكن دون مبالغة، ودون أن تكون اللقاءات على حساب الأوقات الثمينة التي ينبغي أن نقضيها في الطاعة والاستغفار وقراءة القرآن. ويجب علينا أن نتصدق بفائض الطعام بدلًا من إلقائه في القمامة. لقد شاهدت بعض الأسر التي تضع ثلاجات في الطرقات، وتضع فيها الطعام النظيف المغلف بشكل محترم، ليأخذه أي محتاج أو عابر سبيل، وهذا أبسط أشكال التراحم فيما بيننا.

شهر رمضان ضيف جميل سريع الخطى، ثلاثون يومًا فقط، فعلينا أن نستثمر كل دقيقة فيه في تكفير الذنوب، وجني الحسنات، وتطهير النفوس، لا أن نحوله إلى شهر كسل ونوم وإسراف وتبذير. وعلينا أن نتذكر قوله تعالى: “إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا” [الإسراء: 27].

ختامًا، كل عام وأنتم بخير، تقبل الله طاعاتكم، وجعل لكم فيه ذنبًا مغفورًا، ودعاءً مستجابًا.