0020
0020
previous arrow
next arrow

ولمــاذا عمّـــان الأولــى: لا..؟

وكالة الناس – كتب . المحامي “أندريه مراد” العزوني – يُقال إنه ليس للإنتخابات أن تحقّق غرضَها الأساسي الّذي يكمن في إضفاء الشّرعية ما لم تتوفّر لها الثقة الكاملة من قِبل الشّعب في أنها حياديّة ونزيهة، ومن ثم تبرز الحاجة إلى نظام كفوء وفعّال للعدالة الإنتخابية من أجل ضمان عدم وقوع نزاعات بين مكوّنات المجتمع أو حدوث مظالم تتراكم مع مرور الزمن لتصبح عرضةً للانفجار في يوم لا ينفع معه ندم، ولا يناسبه حديث عن إصلاح. ننادي بالعدالة، ولها نرفع القبّعات، ونصدع لكلّ من يؤمن بها، ونعرف أنّ العدالة المطلقة، صفة ربّانية لا يملكها البشر، لكننا نحلم، ومن حقنا أن نرفع الصوت عالياً، لتحسين شروط العدالة التي يمكن تطبيقها على المستوى البشري. 
من هنا نفهم أن قضية زيادة عدد المقاعد البرلمانية في العاصمة عمّان بثلاثة مقاعد جديدة، جزء من تطبيق العدالة احتراماً للكثافة السّكانية في العاصمة، وحتى يتساوى الوزن الإنتخابي للصّوت الإنتخابي مع محافظات المملكة عموماً، ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً.. 
في البدء، نبارك للدوائر التي سوف تحصل على مقعد إنتخابي جديد، بعدما يقرّ نظام تقسيم الدوائر الانتخابية من قِبل مجلس الوزراء قريباً، والذي تسرّب قبل أيام عبر الصحافة المحليّة، وموقع “جفرا”، ونشر في مواقع أخرى. 
بعد المباركة للدوائر الأخرى، من حقّنا أن نطرح التساؤل التالي، وهو برسم الإجابة من قِبل الحكومة والمطبخ الذي قرّر النظام الإنتخابي الجديد: هل يمكن لسكّان العاصمة عمّان بخاصة، والأردن عموماً، أن يعرفوا الأسس الّتي تمّ فيها اختيار دوائر لزيادة المقاعد فيها، وحرمان دوائر أخرى؟ وهل هي أسس اعتمدت على الكثافة السكّانية وأعداد المواطنين في كلّ دائرة، أم هي على أسس جغرافية مرتبطة بمساحة هذه الدوائر والمناطق التي تشملها، أم اعتمدت على أسس عشائرية لمناطق كانت تحرمها الإنتخابات الماضية من حقّ التّمثيل في المجلس النّيابي؟. 
للمساعدة في الإجابة، لم نجد أي مسوّغ إن كان في العدد السكّاني أو جغرافية المناطق ومساحاتها، أو التّمثيل العشائري، فدائرة عمّان الأولى قد تكون الأولى في العدد السكّاني، والأولى في المساحة التي تغطيها والمناطق التابعة لها، والأولى في قضيّة التمثيل العشائري، فلماذا تم حرمانها من زيادة عدد مقاعدها من خمسة مقاعد إلى ستة، مثلما تمّت زيادة مقاعد الثانية والثالثة والرابعة؟. 
نتساءل بعتب شديد على الجهات التي قرّرت نظام الدوائر الإنتخابية، وإيماناً بضرورة رفع الصّوت في الحقّ، والمناداة بشرعيّة العدالة، لكنّ العتب الأكبر قبل أن يوجّه إلى الحكومة وأجهزتها الاستشارية، ينصبّ على نواب الدائرة الحاليين، الذين لم نسمع صوتاً من أحدهم يطالب بزيادة عدد المقاعد في دائرة عمّان الأولى أسوة بالدوائر الأخرى، ولا نفهم ما هي مصلحتهم في عدم رفع عدد المقاعد لدائرة عمان الأولى؟ إذن فالعدالة الانتخابية ترتكز على التحليل المتعمق لمفهوم حاجة المواطنين أولاً، ووجهة النظر العملية السائدة التي تقدم نظريات بنيوية فائقة لكلّ ما يجب أن تكون عليه العمليّة الإنتخابية للوصول إلى برّ الأمان واستقرار المجتمع.
أكاد أجزم انّ الذهنية العصرية والمتقدمة التي صاغت قانون الإنتخاب الجديد، والتي امتثلت للرؤية الاصلاحية للحياة السياسية التي ارادها جلالة الملك وعبر عنها في اكثر من مناسبة، وفي الاوراق النقاشية الملكية، ليست هي التي صاغت نظام الدوائر الانتخابية، الذي كنا نتمنى ان يأت بقانون مرفق بقانون الانتخاب المتطور، وليس بنظام كانت المخاوف منه قد تشكلت منذ البداية.