0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

هيلدا الكباريتي تكتب الراية التي لا تنحني: يومُ العَلمِ الأردنيّ ليس يومًا، بل نَبضُ وطنٍ لا ينكسر

وكالة الناس

ليس مجرد قطعة قماشٍ نرفعها، ذاك العَلم، بل هو قصيدة حيّة تُكتب بالدم والعرق والعهد. هو صوت الثورة الكبرى حين نطق الشريف الحسين باسم الحرية، وهو صدى سيوف الأوائل حين انحنت الرمال في الكرامة، واللطرون، وكل أرضٍ صرخت فيها عمّان: “أنا هنا… وعلى كتفي رايةٌ لا تسقط.”

يومُ العَلم ليس احتفالًا عابرًا نُدرجه في روزنامة المناسبات، بل هو وقفة ضميرٍ ووجدان. هو سؤال نطرحه على أنفسنا كل عام: هل كنّا أوفياء للعهد؟ هل حفظنا الدم الذي سُفك ليبقى هذا العَلم مرفوعًا لا يُمَسّ؟

من الشونة إلى الرمثا، ومن العقبة إلى أعالي جبال عمّان، يرفرف العَلم لا كرمزٍ فقط، بل كشاهدٍ على أن كل ذرة ترابٍ في هذا الوطن مسكونة بالكرامة. في الجنوب، يغفو على مزارع الصبر. في الشمال، يهمس مع نسيم الحدود. في عمّان، يعلو فوق قمم الكبرياء، كأنّه الحارس الذي لا ينام.

ألوانه ليست ألوانًا فحسب، بل سردية وطن:
الأسود لظلمةٍ كُسرت،
والأبيض لنقاءِ مشروعٍ عربيٍ ما زلنا نحمله رغم ما اعتراه،
والأخضر لزرع الحياة وسط الشوك،
والأحمر لدمٍ ما توقّف عن الجريان منذ تأسيس الإمارة حتى آخر شهيدٍ مرّ من هنا.

يومُ العَلم ليس مجرد لحظة تلوّح فيها الأيدي، بل لحظة تُجدد فيها القلوب قَسَمًا لم يُكتب على ورق، بل نُقش في الصدور. لحظةٌ نُعيد فيها التأكيد أن الأردن، هذا الوطن الصغير بحجمه، الكبير بتاريخه، بقي دومًا في قلب العاصفة وخرج منها مرفوع الرأس، شامخًا، وعلى كتفه راية لا تنحني.

وهذه الراية لم تكن يتيمة يومًا، بل حملها ملوكٌ عظام. من المؤسس، إلى الباني، إلى جلالة الملك عبدالله الثاني، ذلك القائد الذي جعل من العلم عهدًا لا يخونه، وموقفًا لا يلين، ورمزًا لا يُمس. في ظله تعلمنا أن الرايات لا تُرفع بالكلمات، بل بالمواقف، ولا تُحمى بالشعارات، بل بالثبات.

وعلى خطى القائد، يسير وليّ العهد، الأمير الحسين بن عبدالله. شابٌ من جيلنا، يرى في العَلم مستقبلًا يُصنع لا ماضيًا يُروى. يحمله كما يحمل الجيل الجديد أحلامه: بشغف، بعزيمة، وبإيمانٍ أن الأردن لم يولد ليُهزم.

لهذا، حين نرفع عَلم الأردن في يومه، نحن لا نرفع رمزًا فقط، بل نُعلّق عليه قلوبنا، وثقتنا، وبيعتنا المتجددة لقائدٍ وولي عهدٍ ووطن، لا يعرف الانحناء ما دام فيه من يُحبه كما نُحبه.