معركة الكرامة تكريس للوحدة الأردنية الفلسطينية
معركة الكرامة تكريس للوحدة الأردنية الفلسطينية
تظل معركة الكرامة المشرقة رمزا و فخراً ونصرا للأردنيين والفلسطينيون، ولكل الدول والشعوب العربية بما حملته الكرامة من نصر لكل العرب بعد هزيمة ألحقها بهم العدو الصهيوني عام 1967 , في الحادي والعشرين من آذار من كل عام يحتفل الفلسطينيون والأردنيون قيادة وشعبا بذكرى النصر في معركة الكرامة الخالدة، دخل هذا العدو المجرم إلى منطقة الكرامة الأردنية، وقد أراد تدمير قواعد الفدائيين الفلسطينيين والقضاء عليهم , أن دخول العدو الصهيوني إلى الكرامة أول مرة تتخطى فيها القوات الصهيونية نهر الأردن، فقد توغلت مسافة 10 كم على جبهة امتدت من الشمال إلى الجنوب نحو 50 كم، وهي أول عملية على نطاق واسع قادها رئيس الأركان العدو الصهيوني حاييم بارليف، وقد حشد لها العدو قوات كبيرة نسبيا أراد منها أن تكون درسا رادعا للفدائيين وللجيش الأردني، وأنه تحقق بواسطتها نصرا سريعا تستغله في رفع معنويات السكان الصهاينة التي بدأت تهتز تحت ضربات العمليات الفدائية في الأراضي المحتلة، ولم تكن النتائج كما كانت تتمناها القيادة الصهيونية، فقد اعترف رئيس حكومتها أمام الكنيست يوم 25 آذار أن الهجوم على الكرامة لم يحل مشكلة .
الأردن التي جرت على أرضها تلك المعركة، ويظل لنصر الكرامة مذاقا مختلف يتلذذ به الأردنيون والفلسطينيون في ندواتهم ومحاضراتهم، في حقيقة الحال والذي يعرفه المطلعون على معركة الكرامة أن مقاتلي الثورة الفلسطينية و جيشنا العربي الأردني الباسل كان قد قاتل العدو الصهيوني وحقق النصر عليه ، حيث قاتل الأردنيون وإخوانهم الفلسطينيون جنبا إلى جنب العدو الصهيوني المشترك، وخاضوا ضده تضحيات وبطولات وقتال مستميت، أكرمهم الله فيها بالشهداء والجرحى والنصر الممجد على عدوهم، وما ألحقوه به من هزيمة نكراء، من قتل وأسر جنوده وتدمير آلياته، وإجباره على الانسحاب والتراجع، وشطب مقولة الجيش الذي لا يقهر، واسترداد شرف الأمة العربية بعد أشهر من هزيمتها القاسية.
من قاتل في الكرامة وضحى واستشهد وجرح، ومن ثم انتصر ونال شرف وفخر الكرامة، هم الأردنيون والفلسطينيون جنباً إلى جنب، ويظل النصر نصراً لكل الأمة العربية والإسلامية، كانت معركة الكرامة نقطة تحول كبيرة بالنسبة لحركة فتح خاصة والمقاومة الفلسطينية عامة، وقد تجلى ذلك في سبل طلبات التطوع في المقاومة ولا سيما من قبل المثقفين، كما تجلى في التظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها، والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالمقاومة الفلسطينية، مما شجع بعض الشبان الأجانب على التطوع في صفوف المقاومة الفلسطينية، وقد أعطت معركة الكرامة معنى جديد للمقاومة تجلى في المظاهرات المؤيدة للعرب، والهتافات المعادية التي أطلقتها ضد العدو الصهيوني، فقد سمعت آلاف الأصوات تهتف عاشت فلسطين حرة عربية ,على الصعيد العربي كانت معركة الكرامة نوعا من استرداد جزء من الكرامة التي فقدتها في حزيران 1968 ، ففي معركة الكرامة أخفقت القوات الصهيونية في تحقيق أهدافها العسكرية والإستراتيجية لرفع معنويات الصهاينة ، بل ساهمت في زيادة خوفهم وانعزالهم، فقد كانت معركة الكرامة أول معركة يخسرها العدو الصهيوني في حروبه ضد العرب، وكانت وحدة السلاح بين الجندي والفدائي هي إحدى أهم ركائز ذلك النصر التاريخي الذي نحتفل به هذا اليوم ، والذي يأتي متزامنا مع عيد الأم التي أنجبت لنا الجندي والفدائي معا الذين سطَروا لنا تلك الملحمة الخالدة التي نفخر بها وبشهدائها الأبرار، إن يوم الكرامة وله من اسمه نصيب، هذا اليوم الذي هزم به العدو الصهيوني، واندحرت مخططاته، وخلال ساعات أصبح الجيش الصهيوني أضحوكة أمام العالم وانتهت والى الأبد كذبة ما يسمى بالجيش الذي لا يقهر، الذي أعطى الجندي البطل كما أعطى الفدائي أعظم ما لديهم، وقدموا التضحيات التي سجلها التاريخ بأحرف من نور في ذلك اليوم الخالد التي تجلت فيه وحدة السلاح ووحدة الصف ووحدة المصير، وقد أثبت لنا أن الوحدة القومية أقوى من كل الأسلحة، نتذكر يوم الكرامة الخالد وذلك لأخذ الدروس والعبر وأبرزها وحدة الصف، ووحدة الهدف الذي يصنع المعجزات عندما تصدق النوايا وذلك كفيل بهزيمة العدو المتربص بنا جميعا مهما كانت قوة سلاحه ، كما لا يفوتنا في ذكرى ذلك اليوم الخالد أن نحي أرواح الشهداء الأبرار من الجيش والفدائيين الذين قدموا أرواحهم من أجل الدفاع عن الوطن ..
بقلم الكاتب جمال أيوب.