للمرأة كلّ الأيام
لا أدري كيف اقتنعت النخبة في بلادنا ومن ثمّ تمكّنت من تمرير هذه الفكرة علينا بوجود يوم يتيم في العام للمرأة ، يتم فيه إقامة الاحتفالات التي يتصدرها رجال ونساء ( قد ) لا يؤمن بعضهم حقيقةً بأهمية المرأة في المجتمع وبقدراتها ، يتخلله أو يُختتم بالاحتفاء بعدد محدود من النساء ، أغلبهنّ من نساء المجتمع ( الناعم ) ، وكفى الله المؤمنين القتال . ويتكرر الحال في كل عام ، بأجواء شكليّة وانتقائيّة ، دون تحسّن ملموس في وضع المرأة في قاع المدينة وفي الأرياف والبوادي ، بل دون أن تعرف أو تسمع بشيء اسمه ، اليوم العالمي للمرأة .
بداية يجب أن تسود بيننا ثقافة ، بأنه يجب أن لا يوجد صراع أدوار أو إرادات بين الرجل والمرأة ، والتي تحاول جهات مشبوهة زرعها وتغذيتها في عقول بعض النساء و الرجال . فلكلٍّ منهما دور عليه أن يؤديه يتناسب مع قُدراته وخصوصيته وظروفه ، ليتمكن المجتمع من التقدم والازدهار ، الذي لا يمكنه الطيران إلاّ بكلتا جناحيه دون تنازع أو تواكل أو استحواذ .
ومع كلّ الضّجة الإعلاميّة والحركات الشكليّة ، التي لا تلبث أن تخبو ، وتعود الأمور سيرتها الأولى والأوضاع إلى ما كانت عليه ، وكأنّ شيئاً لم يكن . ممّا يُدلّل على أن هذه الاحتفالات والإعلانات ما هي إلاّ مجرّد ( شو ) إعلامي وإعلاني يقول ” نحن هنا ” . وإلاّ ما معنى أن تقوم مؤسسات صحفية ــ بتكليف ــ امرأة لتقوم بمهمّة رئاسة التحرير ليوم واحد فقط ….!
كما أننا ننسى أو نتناسى نساء أوْلى بالاحتفاء والتكريم . إنّهنّ صنف من النساء ، وبالمناسبة ، فإنّ هذا الصّنف يُشكّل الغالبية العظمى من النساء . إنّها المرأة التي تصحو قبل الفجر بقليل ، لتجهيز ما يلزم لأسرتها ولنفسها ، استعداداً ليوم شقاءٍ جديد ، ولا تنام حتى تتأكّد أن جميع كائنات الأسرة قد خلدت إلى النّوم . فتكون أوّل من يصحو وآخر من ينام . فتنام سعيدةً مرتاحة الضمير على ما بها من تعبٍ وإرهاق .
إنّها المرأة التي تقوم بأدوار متعددة ، فهي أمّ حانية ، وزوجة شريكة ، وربّة بيت مدبّرة ونشيطة ، وموظفة عاملة متفوّقة ملتزمة . هي أكثر من شخص في شخص واحد . حيثما كانت ، فإنّها تؤدي دورها بنكران ذات ، دون منٍّ أو أذى ، تُضحّي في سبيل الجميع دون أن تنتظر من أحد ردّ الجميل أو حتى كلمة تُشعرها بأهميتها وقيمة ما تقوم به ، على حاجتها إليها .
ننسى النساء في البوادي والأرياف ، التي تقوم بكل أعباء وأعمال البيت يدويا ، دون الحاجة لوسائل الحضارة والتكنولوجيا المساعدة . كما أنّها تُشارك الرجل في كافّة أعماله جنباً إلى جنب وكتفاً إلى كتف ، في مختلف الأعمال الزراعية ، دون أن يُنقص ذلك من أدوارها الأخرى .
لقد تفوّقت المرأة على نفسها ، فكانت من الأوائل في امتحان الثانوية العامّة ، وكانت الأعلى نسبةً في التعليم الجامعي ، وتخصّصت في مختلف فروع العلم والتخصصات الدقيقة والصّعبة . وبرعن في أعمال معينة أثبتن وجودهنّ فيها كالتعليم والتمريض . كما أنّ المرأة تعتبر العمود الفقري للمصانع والشركات . وللأمانة فقد أثبتت المرأة وجودا مميّزاً في المجالس النيابيّة ، كطيّبة الذّكر توجان فيصل التي كانت أول امرأة تنجح بالتنافس الحر ، كذلك الفاضلات أدب السعود وناريمان الروسان لا على سبيل الحصر ، وأيضاً الدكتورة رلى الحروب في المجلس الحالي كنموذج .
هذه ( المرأة ) تستحق من المجتمع التقدير والاحترام والاعتراف بجهودها والاحتفاء بها كلّ أيام العام بل كلّ ساعاته وثوانيه ، وليس يوماً واحدا في العام فقط .