0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

نشد على يد وزير التربية والتعليم

  منذ أن تسلّم الدكتور محمد الذنيبات أكبر وأهم وزارة خدميّة ، وهو يسير بخطى حثيثة واسعة وواثقة لتحسين الأداء وتطوير الخدمة ومعالجة خلل ظلّ يتراكم عبر السنين ، فظنّ البعض ( لطول العهد ) أنه أصبح عصيّاً على العلاج أو لا يمكن الاقتراب منه ، فاستسلموا له . فكان لها هذا الوزير ، ورغم أنه ليس ابن الوزارة وظيفيا ، إلا أنه كان صاحب رؤية شاملة وواضحة ، وقدرات إدارية عالية .
وهذا يقودنا إلى الاقرار بأن ما ينقصنا في بعض الوزارات والمؤسسات هو الإداري الكفء . بعكس المفهوم السائد بأنّ من على رأس وزارة الصحة مثلا يجب أن يكون طبيبا والأشغال مهندسا والأوقاف عالما والزراعة مهندسا زراعيا ، حتى لو كان هذا الوزير تنقصه الملكات الإدارية والصفات القيادية ، فيقود الوزارة أو المؤسسة متنفذون حول الوزير أو المدير .
إن أولى خطوات الإصلاح والتغيير هو الاعتراف بأن الواقع بحاجة لإصلاح وتغيير وأن هناك خللا يجب تصويبه . وهذا لا يكون إلا بعدم السّماع أو الاعتماد على تقارير أصحاب المصالح الذين يهمهم بقاء الوضع على حاله والتي تقول بأن كل شيء تمام . بل لا بد من وجود أكثر من مصدر للحصول على المعلومة الحقيقية عن الواقع . وكذلك الحرص على التّماس المباشر والزيارات الميدانية غير المبرمجة والتي تُظهر الواقع كما هو ودون رتوش .
لقد توصّل الوزير إلى الحقيقة التي نعرفها جميعا ويحسّها المجتمع ويُعاني منها وهي تدنّي مستوى التعليم ، ووصول الطالب إلى الجامعة دون أن يمتلك المهارات الأساسية الكتابية على الأقل . وهذا ما يُلاحظه أساتذة الجامعات وربما عانى منه الدكتور الذنيبات نفسه كأستاذ جامعي .
كما لا حظ أن المناهج الدراسية في أغلبها لا تتناسب مع الواقع ولا يخدم بعضها بعضا ، كما أنها لا تتناسب مع قدرات الطالب ومستواه . وهي مليئة بالحشو والتكرار الممل وتخلو من التشويق والتّحفيز . ويتبع ذلك تدني مستوى بعض المعلمين ، بل عدم صلاحية البعض ليكون في هذا المجال . كذلك زيادة الأعباء على المعلم وبعضها أعمال إدارية يمكن أن يقوم بها طاقم آخر ليتفرغ المعلم للتعليم فقط . وأيضا زيادة أنصبة بعض المعلمين خاصة في الصفوف الأولى والتي تُشكّل اللبنة الأولى في إعداد الطالب وتزويده بالمهارات الأساسية ، مع وجود مواد لا داعي لها في هذه المرحلة والتركيز على المهارات في القراءة والكتابة والخط .
ومن المشاكل المستعصية والتي تزداد مع الزّمن ، الرغبة الشديدة لدى قطاع واسع من المعلمين للتحوّل إلى مواقع إدارية في الوزارة والمديريات وحتى المدارس . وكان للواسطة والمحسوبية دورا كبيرا في ذلك ، مما أدّى إلى تكدّس الوزارة ووحداتها الإدارية بموظفين جزء كبير منهم يحمل تخصصات علمية نادرة وذوي كفاءة عالية ، مما أدى إلى تفريغ الميدان وحرمان الطلاب من كفاءات وخبرات جيدة ، والى وجود بطالة مقنّعة في الوزارة والوحدات الإدارية الأخرى .
إنّ الإداري الناجح لا يكتفي بتشخيص المشاكل ، بل لا بد من وضع الخطط واتّخاذ القرارات السريعة والحازمة لتطبيقها دون إبطاء أو انتقاء . فكان القرار السريع بتوزيع البطالة المقنّعة على الميدان وحسب تخصصها والحاجة إليها . وأرجو أن يكون هناك علاوة خاصّة للمعلم داخل الغرفة الصفيّة لتشجيع أصحاب التخصصات للبقاء معلمين وعدم المحاولة للتحوّل إلى إداريين . كما أتمنى أن يكون علاوة خاصة لمعلمي الصفوف الأولى وتقليل عبئهم الدراسي .
أمّا ملف امتحان الثانوية العامة ( والذي بحاجة لمقالة منفصلة ) ، وما عانى منه لسنواتٍ خلت ، فقد تصدّى له بهمةٍ وحزم ، فأعاد للامتحان جزءا كبيرا من قيمته وهيبته ، ليكون الجهد والبذل هو المقياس الوحيد للحصول على أعلى الدرجات . ومع مباركة هذا الجهد فالأمل أن يُعاد النظر في الامتحان من وضع الأسئلة وأن تكون بمستوى الطالب ومتدرجة في مستواها إلى آلية تنفيذ الامتحان ومدته وفترته ، ليكون أقلّ معاناة للطالب والأهل والمجتمع والوزارة .
إنّ المسؤول الناجح والذي يبذل الجهد مواصلا الليل بالنهار ، يتنقّل من مكان إلى آخر من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ، والتّصدّي لمشاكل أساسية وهامة وعدم الاهتمام بالشكليات فقط ، بحاجة إلى أن نقدر جهده ونؤازره ونشد على يده وندعو له بالتوفيق ، مع الأمل أن يُمكّن من تنفيذ برامجه وتطلعاته لتطوير العملية التعليمية وأن لا يشمله التغيير في أي تعديل أو تغيير وزاري قادم .