هل أخطأ مجلس الوزراء
اتخذ مجلس الوزراء الموقر عدة قرارات في الآونة الأخيرة تسمح بإقامة مدن صناعية في الزرقاء والبلقاء وجرش، فقد وافق المجلس في جلسته التي عقدها الاربعاء الماضي برئاسة رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور على توصية لجنة التنمية الاقتصادية بإقامة مدينة صناعية في محافظة الزرقاء، وتخصيص قطعة أرض مساحتها 2100 دونم في منطقتي مريجيب الفهود وحمرا حمد لشركة المدن الصناعية لغايات إقامة المدينة الصناعية عليها وفوض مجلس الوزراء وزارة المالية ووزارة التخطيط والتعاون الدولي بإيجاد التمويل اللازم لإقامة المدينة الصناعية (ولن نخوض بإشكالية دفع الدولة ثمن أرض ستسجل بإسم شركة تمتلك الحكومة فيها ما نسبته 67% والنسب الباقية موزعة على شركاء آخرين) .
في السابق كان مجلس الوزراء عندما يقرر الموافقه على اقامة مدينه صناعيه يستند الى : –
1 ) قانون مؤسسة المدن الصناعية الاردنية رقم (59) لسنة 1985 وتعديلاته اذا كانت مدينه صناعيه عامه .
2 ) – نظام انشاء المدن الصناعية الخاصة رقم (117) لسنة 2004 اذا كانت مدينه صناعيه خاصه .
وبالعودة إلى التشريعات الأردنية الناظمه لهذا الموضوع والنافذة المفعول نجد أن كل من قانون مؤسسة المدن الصناعية الاردنية رقم (59) لسنة 1985 وتعديلاته , ونظام انشاء المدن الصناعية الخاصة رقم (117) لسنة 2004 , قد تم الغاءهما بموجب المادة (43) من قانون المناطق التنموية والحرة رقم (2) لسنة 2008 الساري المفعول والتي تنص على ما يلي:
أ- إعتباراً من تاريخ إعلام شركة المدن الصناعية بحقها في الشروع باعمالها وفق أحكام الفقرة (أ) من المادة
(34) من هذا القانون يلغى كل من :-
1- قانون مؤسسة المدن الصناعية الاردنية رقم (59) لسنة 1985 على ان يستمر العمل بالانظمة والتعليمات
والقرارات الصادرة بمقتضاه الى ان تلغى او تعدل او يستبدل غيرها بها وفقا لاحكام هذا القانون 0
2- نظام انشاء المدن الصناعية الخاصة رقم (117) لسنة 2004.
فكيف يوافق المجلس على إقامة مدينة صناعية دون المرور بمظلتها القانونية، وبتنسيب من جهه ليست صاحبة صلاحيه قانونيا حيث ان التنسيب على إقامة المدينة الصناعية كمنطقة تنموية جديدة من صلاحيات الهيئة (فقط) ، وذلك إستناداّ إلى نص المادة المادة (31) وهي:
أ- تعتبر كل من منطقة الملك الحسين بن طلال التنموية ومنطقة إربد التنموية ومنطقة معان التنموية
القائمة قبل نفاذ أحكام هذا القانون مناطق تنموية منشأة بموجب أحكامه على ان توفق اوضاعها وفقاً لاحكام هذا القانون.
أما بخصوص المناطق التنموية الجديدة فإن إنشاءها يتم استنادا الى المادة المادة (4) من قانون الهيئة والتي تنص على:
أ-1- تنشأ المنطقة التنموية أو المنطقة الحرة بقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسيب المجلس ويتم تعيين
حدودها وتوسعتها أو تضييقها أو الغاؤها بالطريقة ذاتها وتنشر هذه القرارات في الجريدة الرسمية 0
وحيث أن مجلس مفوضي هيئة المناطق التنموية لم يقم بالتنسيب بالموافقة على إنشاء منطقة تنموية (مدينة صناعية في هذه الحالة) وإنما استند قرار مجلس الوزراء إلى توصية لجنة التنمية الإقتصادية، فما هو السند القانوني لقرار مجلس الوزراء في ظل إلغاء قانون مؤسسة المدن الصناعية رقم 59 لسنة 1985 وتعديلاته ونظام انشاء المدن الصناعية الخاصة رقم (117) لسنة 2004 الذين كانا يعطيان مجلس الوزراء هذا الحق، والذي انتفى بالغاءهما.
من ناحية اخرى فان قرار مجلس الوزراء الموقر أعلاه يتعارض مع خارطة الأردن الصناعية واطلس استخدامات الاراضي في المملكه الذين تم إقرارهما من قبل مجلس الوزراء في العام 2006 .
وفي حال صح تحليلنا السابق فانه يتوجب إلغاء قرارت مجلس الوزراء بهذا الخصوص، على ان تتقدم شركة المدن الصناعية بطلب الى هيئة المناطق التنموية لإنشاء مدن صناعية جديدة تعتبر مناطق تنموية ومن ثم يتم التنسيب لمجلس الوزراء الموقر، صاحب الصلاحية بالقبول أو الرفض، لكي تتمتع بامتيازات المناطق التنموية ولكي تسري عليها القوانين الاردنية.
قراءة أخرى لهذا القرار تستند الى تصريح رئيس بلدية جرش الدكتور علي قوقزة (جريدة الغد 4 شباط 2014) تبين بأن مدينة جرش الصناعية ستقام على أرض مملوكة للبلدية، وإن صح هذا الكلام فإن المشروع سيكون خارج إطار شركة المدن الصناعية ومظلتها القانونية هيئة المناطق التنموية، وبالتالي فإن هناك توجهاّ جديدا لدى الدولة لفتح مجال الإستثمار في مجال المدن الصناعية للبلديات، وهو توجه حسن، نرجو ان يتم في إطار شمولي ضمن إستراتيجية عمرانية وطنية، وبما لا يتعارض مع خارطة الأردن الصناعية واطلس استخدامات الاراضي في المملكه المشار اليهما أعلاه، ولكي يصبح عمل الحكومات تراكمياَ تنمويا، لما في ذلك من إشاعة الإستقرار التشريعي والإستثماري في المملكة.