تحويل السجون الى جامعات وكليات خاصة بالزراعة والبيئة.
كم يبلغ عدد مراكز الإصلاح والتأهيل في الأردن، وكم يبلغ عدد المساجين والمعتقلين في السجون الأردنية، وكم تقدر نفقات السجون، ونفقات المساجين، وما هو التأثير السلبي الذي تعاني منه الطبيعة مع وجود مثل هذه المراكز.
ترى لو قامت الحكومة بتقليص عدد السجون عن طريق إغلاقها، أو تحويل بعضها الى مراكز للدراسات، أو كليات دراسية لتخريج الطلبة بدلاً من تجهيزها كسجون، أو مدارس وكليات للتربية والتعليم، إذ عندما نركز على التربية سنخلق أجيالاً تحاسب نفسها قبل أن يحاسبها أحد.
تتركز السجون الأردنية في المناطق الطبيعية، المناطق التي تكثر فيها الأشجار، وينابيع المياه، لكن مع الوقت وتكاثر المخلفات، والنفايات، والمياه الملوثة؛ تتسع مساحة المناطق غير القابلة للحياة، وتصبح البيئة المحيطة بالسجن؛ طاردة، وستؤدي الى تخريب شبكات المياه، وتدمير الينابيع الجوفية بسبب المجاري، والمياه العادمة، ومخلفات الطعام، والملوثات البيئية الأخرى.
في الأردن سجون لا لزوم لوجودها على الإطلاق، لكن ما دام أنها أصبحت موجودة بحكم الواقع؛ لماذا لا تقوم الحكومة بتطبيق بعض الأنظمة التي تم تطبيقها في سجون الغرب، مثلاً؛ طبقت البرازيل نظام القراءة للجميع، وكل سجين يقرأ كتاباً، ويقوم بكتابة تقرير مفصل عن الكتاب، تخفض الحكومة أربعة أيام من مدة محكوميته، وفي سجن آخر من سجون أوروبا، يتم تخفيض يوماً واحداً لكل أربعة وعشرين ساعة رياضة على جهاز العجلات، المربوط بنظام لتوليد الطاقة الكهربائية.
كيف يمكن الاستفادة من وجود المساجين:
أولاً: بتشغيلهم وفق اختصاص ومعرفة كل سجين بمهنة معينة، لكن على أن تكون خارج السجن، وذلك بأن يبدأ العمل في تنظيف الشوارع، وزراعة الجزر الوسطية، أو المناطق الصحراوية ومن يستطيع إنجاز ما يمكن إنجازه؛ يتم تقليص مدة محكوميته، وهنا تتحقق الأهداف التالية:
أولاً: يكون السجين، أو المعتقل قد حقق الفائدة، حتى وهو وراء القضبان، وبعد خروجه من السجن وانقضاء مدة الحكم؛ يصبح عضواً فاعلاً في المجتمع.
ثانياً: قدم ما عليه من التزامات، وواجبات تجاه بلده، فإذا عمل السجين في التنظيف، والزراعة، والعناية بالبيئة نكون بذلك قد خلقنا أجيال حريصة على منجزات ومكتسبات الوطن.
ثالثاً: تقليص عدد المساجين الى مستويات كبيرة، لأن السجين سيفكر كثيراً قبل الإقدام على جرم، أو فعل يبعده عن أهل بيته، ومجتمعه، ووظيفته، وبالمقابل؛ ربما تتقلص أعداد السجون في المملكة، وتتحول الى منتجعات، ومراكز تخدم المجتمع.
وحتى تتحقق هذه الأمنيات؛ علينا البدء بسجن ارميمين كنموذج، فقد نشرنا الكثير من المقالات التي تحض الحكومات على تحويله الى مركز علمي، أو ثقافي، أو كلية جامعية، فالمبنى أقرب الى أن يكون جامعة، بشرط أن تكون جامعة متخصصة في الشؤون الزراعية، وبكل ما يتعلق بالبيئة.
تعتبر غابة الشهيد وصفي التل من أكبر الغابات على مستوى المملكة، إذ يبلغ عدد الأشجار فيها حوالي ستة عشر مليون شجرة معمرة، وعدد الأراضي التي تشكل الغابة؛ خمسة آلاف وخمسمئة وثمانية وخمسون دونماً، حسب الوثائق الموجودة بحوزتي.
أما غابات برقش، وعجلون، وجرش فتشكل الجزء المتبقي من غابات الأردن، ومع أن نسبة الغابات تكاد لا تتجاوز خمسة بالمئة من مساحة الأردن؛ هناك عمليات رعي جائر، وقطع أشجار من أجل التجارة بعيداً عن الرقابة، وأعتقد أن هناك تقصير في عمليات ضبط المخالفين، وتحويلهم الى القضاء، وقد شاهدت خلال جولاتي المتكررة بين عجلون، وجرش، وغابة الشهيد، وغيرها من المناطق الزراعية؛ عمليات قص وتدمير للأشجار دون خوف من أي رقابة.
وبالعودة الى موضوع السجون؛ نؤكد على أن مراكز الإصلاح والتأهيل يمكن تجميعها في منطقة صحراوية واحدة، لا تؤثر على البيئة المحيطة بها، وبدلاً من أن يكون هناك عدداً من المراكز متناثرة في جميع أرجاء المملكة، تقتصر هذه المراكز على مجمع واحد يستوعب كل المساجين والمعتقلين، وتحويل السجون الى مراكز ينتفع منها المواطن الأردني والدولة على حد سواء.
لا يمكن للعقل البشري أن يستوعب فكرة إنشاء سجن في وسط غابة، أو يتم تقطيع مئات الأشجار من أجل إنشاء جدران من الإسمنت، ضررها أكبر من نفعها على البيئة الأردنية..
لنرفع شعار التخلص من السجون والى الأبد، ولنبدأ بسجن ارميمين، بأن نجعله نموذجاً جميلاً للمحافظة على البيئة، وليكن جامعة لتدريس المساقات الزراعية والعلمية، وأن يكون الهدف زراعة الرقعة الصحراوية بالأشجار، والنخيل هو الشجر الذي يمكن أن ننثره في الصحراء، لأن النخيل هو القادر على تحمل كل الظروف البيئية القاسية.
