لعبة البقاء: مع راتبك القليل مفيش مستحيل!
عمان، المدينة التي لا تفشل أبدا في تحدي سكانها بلعبة مبهجة وشيقة هذه اللعبة اسميتها “كيف تعيش عندما يموت رابتك حيا!” أجمل لعبة استمرت لأجيال ولا يزال ينتج منها إصدارات أكثر تشويقا يوما بعد يوم، أفضل فخ في هذه اللعبة هو فخ “ارتفاع أسعار المحروقات” أو تحدي “ابحث عن الدجاج”، تخيل نفسك لاعب نشط في هذه اللعبة الشيقة وبعد كل مرحلة تقوم بتجاوزها تجد نفسك جزء من صناعة صعوبات وتحديات لأخرين… أقصد تصبح أنت جزء من الفريق الذي يصنع هذه اللعبة، ونخيل معي ان سلاحك في هذه اللعبة هو راتبك الشهري الذي تستلمه مقابل عملك المنتظم في شركة عريقة حفظت لك كل حقوقك مثل اشراكك في الضمان الاجتماعي وتوفير تأمين صحي لك ولعائلتك ووفرت لك القهوة والشاي في المكتب، وأيضا اعطتك راتب شهري 500 دينار، يا سلام، دعونا الان نتساءل عن كيف يمكنك ان تتجاوز جميع مراحل اللعبة دون ان تخسر كل راتبك.
أولا وقبل كل شيء، دعنا نتحدث عن إثارة العثور على مكان نسميه منزلا في هذه الغابة الحضرية. مع إيجارات المنازل التي تبدأ من 200 دينار أردني فقط لا غير، ستختبر قريبا متعة العيش في مساحة مريحة تشبه علبة السردين. ما أجمل هذا الدفيء؟! فمن يحتاج إلى مساحة شخصية أكبر وأوسع عندما يمكنه الارتباط بشكل وثيق بجدران البيت، ولا شو؟
ودعونا لا ننسى الإثارة والتشويق عندما نبقي تلك الأضواء مضاءة (بأقل الأسعار لفاتورة الكهرباء: 25 دينارا فقط). ما أجمل هذا التحدي وهذه المرحلة، لأنها ستعلمك وتحفزك على مهارات توفير الطاقة، وسوف تصبح قادرا على إيقاف تشغيل كل جهاز بشكل أسرع من البرق لتجنب فاتورة الكهرباء الصادمة ايمانا للوصول الى مراحل متقدمة في اللعبة وتعلم مهارات أخرى.
بالطبع، لا تكتمل اللعبة في مراحلها الأولى دونما نتقن فن ومهارة تقنين المياه (تكلف تقريبا: 6 دنانير فقط)؟ في عمان، أتقننا فن الحفاظ على المياه، وحولنا وقت الاستحمام إلى سباق عالي المخاطر مع الزمن. تذكر، كمية أقل من المياه تساوي المزيد من المال الذي يتم توفيره من أجل … اممممممم، المزيد من الماء! وشوية مصاري ندفعها للتنكات إذا ما اجت المياه.
اللعبة والمراحل لا تتوقف عند هذا الحد! عطشان؟ هل تريد رشفة منعشة من مياه الشرب ولا يهمك (بتكلف تقريبا: 20 دينار)؟ مش مشكلة! الموضوع بسيط لتتجاوز هذه المرحلة، ما عليك سوى الوصول إلى جيبك المتقلص باستمرار ومشاهدة تلك العملات الثمينة تختفي في الهواء. يجعل ما حدا حوش، اهم اشي تروي عطشك؟
الآن، دعنا نتحدث عن المواصلات، النهاية الكبرى لتحديات اللعبة في المراحل الأولى. هذا الحكي بكلف سواء اشتريت سيارة كتكوته صغيره تروح وتيجي فيها عالشغل أو بتروح تكاسي راح يكلف الموضوع تقريبا 150 دينار فقط في الشهر، يعني راح تحس وكأنك تعيش حياة راقية لأحد المشاهير. ستجعلك كل رحلة تتساءل عما إذا كنت تنتقل إلى العمل أو تلعب دور البطولة في برنامج واقعي وخلينا نسميه “حروب التاكسي: إصدار عمان”.
لكن لحظة من فضلك، هناك المزيد! مع مصروف جيب سخي خلينا نقول 150 دينار أردني، يمكنك تدليل نفسك ب … حسنا، مش كثير بالمره. هاي بدها صفنه الشغلة لانه بصراحة احترت شو ممكن نعمل ساعدوني شوي، يعني اقل سهره “حلال” بدها على القليله 30 دينار ما حسبتش القهوة والارجيله بعد السهرة لسه. انا بحكي عن العشاء بس.
وهنا يجب ان لا ننسى المرحلة الاخيرة: تحدي مكافحة الجوع (ميزانية تقريبا: 100 دينار فقط للشهر)! احتضن تجربة العينات المتمثلة في تناول الطعام مثل المشاهير بميزانية محدودة، حيث يصبح الأرز والعدس والنودلز والمعكرونة نجوم عرض مطبخك. من يحتاج إلى مطاعم حاصلة على نجمة ميشلان عندما يمكنك الاستمتاع بنكهات التقشف الرائعة؟ خمس بكتات معكرونة بدينار، وخمس بكتات نودلز بدينار…. شو مالك …… ليش بتتلاوق …. شو مش عاجبك ….. أكل ولا مش أكل؟
لذا، أعزاءي المشتركين في هذه اللعبة، اهلا وسهلا بكم في الجولة الترحيبية. وأتمنى لكم التوفيق والنجاح في تحاوز كل المراحل وتعلم المهارات الجديدة، حيث يصبح العيش بما يتجاوز إمكانياتك شكلا من أشكال الفن. في هذه الغابة الحضرية، ستتعلم التوفيق بين الفواتير وترويض النفقات ورقص التانغو في الميزانية كما لم يحدث من قبل. مرحبا بكم في عمان، حيث تكلفة المعيشة تتحدى الجاذبية، والبقاء على قيد الحياة هو إنجاز رائع للألعاب البهلوانية!