الاتجاهات الأربعة !
علاقات الأردن ببريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية قديمة راسخة ، وواضحة من جميع جوانبها ، والمتابعة الحثيثة التي يجريها جلالة الملك مع قيادتي البلدين ، هي التي تحافظ على نسق مريح رغم الشعور بالتقصير أحيانا تجاه دعم الأردن في مواجهة أزمته الاقتصادية ، أو طريقة التعامل مع أزمات المنطقة التي ينتج عنها قدر من الضرر على مصالح الأردن ، أو قدرته على تحمل التبعات كما هو الحال بالنسبة لأعباء اللجوء السوري .
مؤخرا ذهب جلالة الملك نحو روسيا والصين ، أي أنه تعامل مع أربعة اتجاهات رغم اختلافها أو تناقضها ، ولكنه وضع قاسما مشتركا هو المصالح المتبادلة ، وجعل جذب الاستثمارات هدفا يخدم الاقتصاد الوطني ، فضلا عن فتح الطريق أمام المنتجات الأردنية لتصل إلى مزيد من الأسواق العالمية .
الشيء الذي يحتاج إلى تفكير عميق هو نظرة هذه الدول إلى الأردن على أنه بلد لا يحتاج إلى مساعدات مباشرة ، بقدر ما يحتاج إلى تفعيل قدراته الاقتصادية لتحقيق التنمية التي قطع فيها شوطا طويلا ، فتلك النظرة جيدة من ناحية ، ولكنها تطيل أمد خطته للإصلاح الشامل ، وفي كل الأحوال تلك نظرة تحمل نوعا من الاحترام والثقة تفرض علينا أن نعيد نحن النظر تجاه أنفسنا ، وفي جميع الاتجاهات !
روسيا والصين أظهرا اهتماما خاصا بالأردن ، وتقديرا لدوره ومكانته في الإقليم المشتعل بالحروب والأزمات ، والمباحثات التي أجراها جلالة الملك مع رئيسي البلدين أسفرت عن ترحيب كبير لتعزيز العلاقات المشتركة ، والرئيس الصيني الذي يقوم حاليا بجولة في عدد من الدول من بينها مصر أعلن صراحة أن لدى بلاده خطة طموحة للاستثمار في دول عربية ، ومع وجود عدد من المشاريع المشتركة الأردنية الصينية القائمة حاليا فنحن نقف اليوم على مشارف عملية ضخمة للاستثمار .
السؤال الذي ما زلنا نطرحه على أنفسنا هو ، هل أحسنا التعامل مع الفرص المتاحة أمامنا لجذب الاستثمار ، وهل استثمرنا تلك العلاقات التي جهد جلالة الملك في سبيل الحفاظ عليها وتعميقها ، حتى مع دول كانت بعيدة عنا في مصالحها ، أو في تصنيفنا لها ضمن الفضاء الغربي ؟
تلك أربعة اتجاهات يندر أن تجمعها دولة في حزمة واحدة ، ومع ذلك ما زلنا لا نتقن استغلال الفرص ، وما زلنا نتحدث كل يوم عن معيقات الاستثمار ، وغياب المتابعة ، والمؤسسية الثابتة في تنفيذ الاتفاقيات والمشاريع الاستثمارية ، فهل نحتاج إلى بوصلة تدلنا على الاتجاه الصحيح ، بعد أن قطع الآخرون نصف الطريق في اتجاهنا ؟!