ما عليه الدولة اليوم هو نتاج حكومات سابقة
الأستاذ الدكتور رشيد عبّاس
اليوم الشعب الأردني كافة يطالب بإسقاط الحكومة الحالية وهذا مطلب نحترمه ونتوقف عنده قليلاً لنتساءل هل الوضع الاقتصادي الذي يمر به الأردن اليوم هو مسؤولية الحكومة الحالية فقط؟ علينا أن ندرك تماماً أن الوضع الاقتصادي اليوم في الأردن هو حصيلة تراكمية للحكومات السابقة التي أدارت مؤسسات الدولة لسنوات وبطريقة التتابع.
نعم الحكومة الحالية تتحمل جزء كبير من المسؤولية وكان عليها أن تضع المجتمع الأردني حين تسلّمت زمام الامور.. أن تضعه بالواقع الاقتصادي الذي استلمت فيه وما هي البرامج التنموية التي يمكن لها أن تقوم به في ضوء الواقع الذي استلمت فيه, وهذه الإدارة تسمى إدارة (المستقبل في ضوء الواقع) أي ما يمكن إنجازه واستحداثه في المستقبل بناءً على الواقع الذي تم الاستلام فيه.
في الدول المتقدمة حين يستلم مدير أو وزير أو رئيس وزراء مؤسسة معينة.. أول عمل يقوم به هو كتابة تقرير مفصّل حول واقع المؤسسة في لحظة الاستلام وما يريد انجازه في ضوء هذا الواقع, ويظهر هذا عندهم ايضاً عند مقابلات رجال الدولة حيث يتم الاختيار وفق معيار قدرة المتقدم للوظيفة العليا على كيفية التوفيق بين واقع المؤسسة الحالي وبين ما يمكن انجازه واستحداثه في المستقبل في ضوء هذا الواقع.
لم نشهد من الحكومة الحالية ولا حتى الحكومات السابقة أن أظّهرت بتقارير رسمية للمجتمع ككل واقع مؤسسات الدولة حين الاستلام, وما يمكن إنجازه واستحداثه في المستقبل في ضوء هذا الواقع.
أن نظرية إدارة (المستقبل في ضوء الواقع) للحكومة.. يكشف للدولة وللحكومة القادمة وللمجتمع ككل عيوب واخفاقات الحكومة السابقة وبالتالي ترفع نسب مستوى ثقة الدولة بالحكومة, وثقة الشعب بالحكومة, ويبرر للمجتمع ككل حجم الانجازات وقبولها.
لقد أخفقنا في تطبيق هذه النظرية سابقاً لكن يمكن للدولة أن تتبناها في قادم الايام وتصبح نهج اداري متّبع في ادارة جميع مؤسسات الدولة, وأن تقرير واقع المؤسسة أي مؤسسة وبين ما يمكن انجازه واستحداثه في المستقبل في تلك المؤسسة في ضوء هذا الواقع موجود ويمكن الاستفادة منه.
وأتساءل هنا, لماذا لا يكون الأردن في مصاف الدولة المتطورة مع أن جميع عوامل التطوّر متوفرة.. فعدد السكان وتركيبته مناسب, ومناخ وموقع الأردن مناسب, والمؤهلات العلمية والعقول والخبرات موجودة, وثروات طبيعة موجودة, ونظام أردني هاشمي متصالح مع نفسه ومع الاخرين,..اعتقد جازماُ انه لا ينقصنا سوى تطبيق نظرية إدارة (المستقبل في ضوء الواقع).
وبعد.., مفاتيح الحل بسيطة ونتائجها عظيمة بجهود الخيرين.
دمتم بخير