«صمت» رسمي بعد تحرش وليد المعلم
وكالة الناس – بسام البدارين- سماح السلطات العسكرية الأردنية تحديداً للمعلومات التي عرضتها مع صور للقمر الصناعي محطة الميادين بالتدحرج لأكثر من 24 ساعة من دون الرد أو التعليق عليها له ما يبرره سياسيا بكل الأحوال فقد مالت خلية الأزمة الحكومية التي تتابع الشأن السوري في العاصمة عمان إلى»الحذر» من لعبة التصريحات والرد عليها التي تسعى لها القيادة السورية.
التزامن التنسيقي بدا واضحاً خلال الـ 48 ساعة الماضية بالسياق فقد حذر وزير الخارجية السوري وليد المعلم الأردن مجددا مما سمّاه تحشيد عسكري للعمل داخل الأرض السورية من دون التنسيق مع دمشق قبل ان تبادر محطة الميادين الحليفة لإيران ودمشق بنشر ما تصفه بمعلومات موثقة عن تحشيد قوات على طول الحدود تمهيداً لساعة الصفر.
طبعاً حصل ذلك مباشرة بعد أقل من أربع ساعات على تصريح تلفزيوني للناطق الرسمي بإسم الحكومة الأردنية الدكتور محمد مومني شرح فيه حيثيات العبارة التي سبق ان تكررت على لسان الملك عبدالله الثاني بعنوان «الدفاع بعمق عن الحدود مع سوريا» من دون الحاجة لإدخال «قوات عسكرية» أردنية او صديقة.
قبل ذلك كان المومني قد أبلغ وعلى هامش نقاش ثنائي مع «القدس العربي» بأن حكومته لا تستلطف لعبة الإتهامات السورية ولا تجد نفسها مضطرة للرد على تعليقات غير مسؤولة تصدر بين الحين والآخر عن الجانب السوري.
مومني أعاد التذكير وعبر «القدس العربي» بأن الجيش العربي الأردني يحرس في الواقع حدود دولتين بنفس الوقت ويتحمل العبء الأكبر حيث لا يقوم الجيش السوري بواجباته في الطرف الآخر متيقنا من أن الجيش الأردني يرصد كل صغيرة وكبيرة وسيتصدي وبقوة لأي محاولة إجرامية تستهدف أمن الحدود الأردنية حيث توجد عصابات إرهابية يعرف العالم بأنها تستهدف الأردنيين وأمنهم.
لسبب أو لآخر يسعى الجانب السوري منذ ثلاثة أسابيع للتصعيد الإعلامي ضد الأردن ويسلط الأضواء قصداً على مبالغات تتحدث عن تحشيد وتجميع قوات تمهيداً لإقتحام عسكري محتمل.
لكن مصدر مسؤول ومأذون في رئاسة الوزراء الأردنية أكد لـ «القدس العربي» بأن الحاجة فعلاً غير ضرورية لأي دخول بري للقوات وان الجانب الأردني متحسب لأي مجازفة في هذا السياق.
دمشق لا تبدو مستعدة للتخفيف من حدة لهجتها في إتهام الأردن وقد لوحظ بأن وزير الخارجية الأردني الخصم القديم للنظام السوري أيمن الصفدي تجنب الرد والتعليق على التصريح الأخير لنظيره وليد المعلم فيما لم تفعل ذلك لا الحكومة ولا قيادة الجيش في عمان ايضا.
المهم سياسيا وإعلاميا بأن حدة اللجهة السورية زادت مؤخراً في إتهام الأردن بالتزامن مع إنطلاق الموسم الجديد والخامس لمناورات الأسد المتأهب الشهيرة وأن عمان قررت عدم التورط سياسيا بلعبة الرد والتوضيح كلما صدر تصريح سوري يعكس في الواقع «أزمة النظام الجار».
في قياسات الصفدي والمومني ورفاقهما في مجلس وزراء الأردن التركيز على الجبهة الأردنية مرحليا ليس جديدا بالنسبة للنظام السوري وقد سبق له ان تحرش بعمان عدة مرات عندما كان «مفلسا» والجانب الأردني منتبه تماما لمحاولة النظام السوري التعبير عن أزمته الداخلية المعقدة بمحاولة تصديرها للأردن ولفت الأنظار إلى ما هو ابعد من ذلك.
ثمة عامل إضافي يساعد في التصعيد السوري برأي وتقدير الأردنيين وهو «التحريض الإيراني» حيث طهران تحاول الرد على عمان لأنها ترفض إرسال سفيرها لعمله منذ نحو عام رغم ان خارجية الأردن لم تسحبه رسميا.
في التنديد التفصيلي برواية محطة الميادين تصر المصادر الأردنية على ان الدبابات البريطانية القتالية موجودة أصلاً على الحدود وكذلك نظام الدفاعي الجوي الأمريكي والطائرات الفرنسية فيما تتواجد قوات سعودية في اقصى منطقة مفتوحة شمالي بادية الأردن تحوطا بالتنسيق مع الأردن ضد تنظيم «الدولة ـ داعش» عشية إنطلاق مناورات الأسد المتأهب في مناطق الشمال الأردني.
دون ذلك وبصفة رسمية مباشرة لا يوجد أكثر يستوجب وصلات «الردح» السورية ضد الأردن لكن نظام دمشق الذي لا يسيطر كما قال المومني على معظم اراضي بلاده يسعى للإستعراض بالمعلومات وإلإيحاء بأنه يتابع التفاصيل مع ان عمان «نصحته» عموما بالعودة عسكريا إلى درعا.
طبعا يلجأ السوريون للتصعيد قصداً في مسألة الحدود مع الأردن لكن العمل الحقيقي على الميدان بعيد نسبيا عن منطقة درعا وجوارها الحدودي و»عيون الأردن» وحلفائه تهتم بتنظيم «داعش» في تدمر ودير الزور والسويداء أكثر بكثير مما تهتم بمتبقيات النظام السوري.
في غضون ذلك وتأثراً بالمناخات التي أنتجتها صور القمر الصناعي التي بثتها «الميادين» لتجمع قوات بريطانية وأمريكية واردنية على الحدود مع سوريا لم تصدر بيانات عسكرية تشرح أو تعلق فيما تصدرت على وسائط التواصل «صيحات وتحذيرات» النشطاء المؤيدين للنظام السوري بعنوان التحذير من «التورط». اليوم وبصرف النظر عن البعد العسكري العميق والمختص في المسألة يسأل الأردنيون وفقاً للسان الوزير السابق والكاتب الصحافي المعروف محمد داوودية: نطارد الأشرار خلف الأسوار أم ننتظرهم على باب الدار؟
سؤال داوودية العلني مهم ومؤثر وعميق ويعكس حوارات أساسية في المسألة السورية خصوصا وأن الرجل طرحه قبل الحديث عن «إرهاب مدمر وخطير جداً ورهيب» يتمترس على حدود المملكة الشمالية، مشيراً إلى أن تقدير اسلوب مواجهته وهزيمته شأن المختصين.
الجميع في حالة الحدود الأردنية مع سوريا يترقب حصول أي حدث مهم يمكن ان يغير المعطيات وإن كان لدى «القدس العربي» حيثيات ترجح ان الأردن سيفكر كثيراً وبعمق قبل أي دخول عسكري مباشر وبصرف النظر عما يقوله وليد المعلم.