الاستثمار والتشليح!
كان على «الرأي» أن تدفع ستمئة ألف دينار (000ر600) رسوم ترخيص مطابعها خارج حدود الأمانة، لأن: «هناك توجهاً لضم المنطقة إلى الأمانة»!!.
لم اصدق حين سمعت القصة، فهذا مبلغ كبير جداً على مؤسسة وطنية يساهم بها الضمان ونقابة المهندسين والبنك العربي وآلاف المساهمين، انها فقط مطبعة في بلقع مقفر على طريق مادبا.. وليست كازينو قمار!.
وصادفت ظروف لم اتابع اثناءها ماذا حدث مع «الرأي» هل دفعت المطلوب ام انها نجحت في تخفيضه؟. لكن القصة بقيت في خلايا الذاكرة، تبرز حين ينشط سكان مدينة الفحيص في الدفاع عن مصالحهم ازاء اراضي مصنع الاسمنت الذي غادر المدينة الخضراء، وابقى حقوق شركة فرنسية اشترت حصة الحكومة في شركة الاسمنت، وحين تتدخل الحكومة بعد اتفاق ممثلي سكان الفحيص وبلديتها، لتخرّب الاتفاق طبعاً لمصلحة الشركة.
كيف يمكن لأي مستثمر اردني او عربي او اجنبي ان يتصرّف لو انه كان بصدد انشاء مطبعة على طريق مادبا وطُلِبَ منه هذا المبلغ الهائل لان هناك «توجهاً» لضمها الى امانة عمان؟!. وكم سيكون المبلغ لو انها دخلت جنّة الامانة؟!.
سمعت ان الصديق جواد العناني – اكره كلمة معالي -، وهو بموقعه في المسؤولية الاقتصادية الحكومية، يداوم في دائرة تشجيع الاستثمار، ليكون قريباً من حالة الجباية التي تلبست مع الاسف موظفي دوائر الاقتصاد في البلد. وان يوقف هذه الموجة من طرد الاستثمار مباشرة قبل التعامل مع المستثمر، فقد سمعنا ايضا ان مشروع القرية الملكية في مرج الحمام توقف لان ترخيص الامانة تجاوز السنوات الثلاث.. مما صادف انهيار اسعار النفط، وتأثر الشركات الخليجية الاستثمارية بذلك. ووقف مشروعاتها في الاردن واكثر من بلد عربي.
الان هناك شعور بان دول الخليج استعادت انفاسها، وبدأت شركاتها بالتدخل. ولعل اسلوب الحكومة السعودية في التعامل مع الشركات التي توقفت في الدفع لموظفيها وعمالها، باخضاعها لاجراءات تعيدها الى العمل، وتسهّل على عمالها الذين لم يقبضوا رواتبهم منذ اشهر.
لقد اخذنا التنبه الى طريقة تعاملنا مع الاستثمار المحلي والخارجي وقتا طويلا، ومع ذلك فنحن بحاجة الى اعادة النظر في انظمة الرسوم والتراخيص، ونوعية الاستثمار، فلا يصح ان نردع مستثمرا بالرسوم المرتفعة ولا نراقب حجم ديونه البنكية لدى اقامة مشروعه.