حلّ الإضرابات
برغم من اندلاعها لأكثر من سنتين دون انقطاع، إلا أن الحكومة لم تتعامل معها بجدية كواقع جديد فرضته الظروف..وبالتالي ما زالت تتعامل مع الاعتصام والإضرابات على مبدأ لن نسمع صوتك حتى يرتفع ولن نلتفت إليك والى وجعك إلا إذا كبّدت الدولة خسائر بالملايين “فكل شاة معلقة بعرقوبها” وكل مؤسسة أو وزارة تحل مشاكلها كيفما اتّفق ، حتى إذا وصلت النار إلى “شفافيل” الحكومة وحاولت أن تطفئ الحريق .. تكتشف أن خرطوم التفاوض لديها مهترىء وخزان الميزانية فارغ…
ما جرى في اعتصام الممرضين وموظفي الكهرباء وموظفي مستشفى الملك المؤسس وأخيراً وليس آخراً موظفي المحاكم…يؤكّد أن المطالب لن تنتهي وخطة “اللعب” الحكومي المبنية على التجاهل او التهديد والفزعة في بعض الأحيان لا تجدي ولن تجدي..ما يعانيه الآن بعض موظفي القطاعات سببه تشوّهات في الرواتب والحوافز والترقيات عمرها عشرات السنوات ومن حقّهم ان يطالبوا بتحسين أوضاعهم أسوة بباقي موظفي المؤسسات المشابهة ما دمنا فتحنا الباب على أنفسنا…لكن أن تبقى القصة : محمد يرث ومحمد لا يرث فهذا ليس فيه من العدالة بشيء…
ولكي ننصف الموظف والدولة فأننا نقول: نحن مع الموظف ان يعبّر عن مطالبه ومظلمته بالطريقة التي يراها مناسبة – فهذا حقه- بشرط ألا يوقف مصالح الناس أو يعرّض صحّتهم للخطر أو يكبّد الدولة خسائر هي بأمس الحاجة لكل فلس يدخلها…وبالتالي أطلب من جميع قادة الإضرابات والاعتصامات والأخوة المشاركين ان يتجنّبوا الإضراب الكلّي ويستخدموا الاضراب الجزئي بالإضافة الى وسائل جديدة لإيصال صوتهم…وان تؤسس الحكومة لجنة خاصة من قضاة متقاعدين وخبراء قانونيين وإداريين أكفّاء..للتفاوض مع لجان الاعتصامات والاضرابات في كافة أنحاء المملكة والاستماع إلى مطالبهم والوصول معهم الى نقطة التقاء يرضى بها الجميع..فلم تنعدم الحلول بعد، ولم تتعطل لغة الحوار كذلك..
وبخصوص اضراب موظفي المحاكم ..فقد أزعجني جداً أن أقرأ لأحدهم – عضو مجلس إدارة على الأقل في عشر شركات – ومستشار اقتصادي لأكثر من جهة ولجنة حكومية ودخله الشهري يفوق 50من موظفي المحاكم الصغار..استنكاره على الموظفين المضربين اضرابهم ، محرّضاً المدعي العام على ان يصدر مذكرات توقيف بحقّهم ، مطالباً الأمن العام والدرك أن “يشوفوا شغلهم” مع هؤلاء المارقين على القانون من وجهة نظره.لقد ساءني جداً هذا الرأي أولاً لأن الذي تبناه لا يعرف راتب الــ300دينار كدخل شهري شامل كامل لرب أسرة ..ثانياً لأن عقلية العنف ما زالت تسيطر على الرعيل القديم الذي يحلّ كل المشاكل بالعصا والقمع ..حتى لو كانت المشكلة اقتصادية او مالية!!…فأين لغة الحوار ..وأين الحكمة التي يجب ان يوزّعها من هم في مقامه على الجيل الجديد…
ما زلت مؤمنا أنه بالحوار ،بالحوار فقط…تحل مشاكلنا وتصل الحقوق لأصحابها..
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com