0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

الجهويات القاتلة وأزمة الدولة الموحدة

يعيش سكان اندونيسيا مبعثرين في آلاف من الجزر، ومع ذلك استطاعوا تأليف دولة قوية موحدة، في حين لم يستطع سكان الدول العربية تأسيس الدولة الموحدة، برغم أن أهم متطلباتها قد أنجزت قبل نحو نصف قرن مع قرار الاستقلال العربي، الذي للأسف بدا شكليا، إذ أنه لم يحرر الدولة العربية من التبعية للغرب.

والسؤال، لماذا استطاع الأندونيسيون أن يتحدوا في دولة موحدة كليا، اتجهت نحو الديمقراطية والنهضة وبناء قاعدة صناعية؟ في حين بقي العرب عند سقف الاستقلال الهش، وأغلب الدول العربية تشهد مخاطر التفتت والانقسام وغياب الهوية الموحدة، وتنامي الشعور بالاستقلال الجهوي اما عن الدولة أو داخل منظومة الدولة الحاكمة، في صيغة أقاليم ذات خصوصية ثقافية.

الغريب عربيا أننا ثرنا على الأتراك، ثم ثرنا على الانكليز ثم الفرنسيين، ثم ثرنا على الذين استولوا على خيرات البلاد، والذين شكلوا نخبة ملتحقة بسياسات الانتداب، لكن شيئا من التوحد الوطني العام لم يتحقق. ثم ثرنا على الفاسدين وثرنا على عملاء الغرب، وعلى التقليد والعزلة، وجاءت الثورات التقدمية فكررنا الثورات الحمراء عدة مرات، وواصلنا الثورات البيضاء على التأخر والعزلة عدة عقود. لكن، حتى الثورات البيضاء كانت سبباً من أسباب تنامي القهر والفشل عند الناس، إذ أنها ارتبطت بدعوات ووعود لم تتحقق.

اليوم في مواجهة الفشل، وهو فشل في السياسات واحداث التنمية في كل الدول العربية، وفي البناء السياسي على أساس المواطنة، نشهد دعوات للجهوية والإقليمية ومحاولات البعض الانفصال عن الدولة الأم، وقد شهدنا بعض تلك الصور في سيناء المصرية، وهناك دعوات مستمرة لعودة اليمن الجنوبي لدولة ما قبل الوحدة، وفي شمال سوريا رغبة كردية بنسخ النموذج العراقي، وفي البصرة علما أن دعوة أهالي البصرة للانفصال رفعت في ثلاثينيات القرن المنصرم.

وقد يقال أن الشعوب أقل وعيا من قادتها، وهو على العكس أحيانا، ففي حلب عندما أعلنت فرنسا دولة حلب، ذات الأغلبية السنية بين عامي 1920-1925 لم يشأ الحلبيون العيش على الانفصال عن سوريا الأم، ومع اغراءات فرنسا باستقلالها لترسيخها مستقلة جهويا مع دول أخرى للعلويين والدروز، إلا أن الحلبيين يوم سنحت لهم فرصة الاندماج الوطني، قرروا إنهاء الاستقلال الممنوح لهم والالتحاق بالوطن الأم.

كان المواطن العربي الأول شكري القوتلي كما أحب أن يسمي نفسه أول من قاوم الوحدة بين مصر وسوريا، رغم أنه هو الذي طلبها، ويومها صدر بيانا يقول فيه:» إن النظام الذي يجوز تطبيقه على مصر، لا يمكن تطبيقه في سوريا، لاختلاف البيئات جغرافيا وبشريا واجتماعيا..».

ولا نعرف إن كانت الوحدة مطلوب منها نسخ وصهر التعدد والاختلاف في المجتمع، بقدر ما هو واجب الدولة الموحدة إدارة التنوع والاختلاف تحت سقف القانون.؟!

أخيرا، أزمة الدولة الموحدة، كانت من قادتها وسياسات التنمية الفاشلة، وليس من مجتمعاتها.

Mohannad974@yahoo.com