طرد السفير .. ولـمَ لا؟
خَطى مجلس النواب خطوة نحو طرد السفير الاسرائيلي من عمان , ولم يتبق الا الوقوف خلف قراره واستعمال سلطاته الدستورية لإجبار الحكومة على طرد السفير وهي خطوة وحيدة ومعروفة ولا أظن حكومة مستعدة لدفع ثمن دستوري من اجل عيون سفير دولة الكيان العبري , خاصة وان رعاية المقدسات في القدس ملف اردني حسب نصوص معاهدة السلام الاردنية الاسرائيلية وتم مؤخرا توقيع اتفاقية مماثلة مع الدولة الفلسطينية .
ثمة حُجج ستواجه الطلب النيابي اهمها ان العلاقات الديبلوماسية تخدم الاشقاء في فلسطين وان وجود السفير ضرورة لهذا الملف الحيوي والحساس , وهناك من يقول ان طرد السفير بمثابة اعلان حرب او الغاء للمعاهدة , وكل هذا مجرد هُراء لا اكثر , فطرد السفراء والديبلوماسيين سلوك ديبلوماسي بامتياز وتعبير عن موقف سياسي وليس اعلان حرب وجرى هذا الفعل بين دول كثيرة متجاورة وغير متجاورة , على افتراض ان الكيان العبري دولة مجاورة وتحترم حسن الجوار!!
اما بخصوص الخدمة المُستفادة من وجود السفير العبري في عمان , فنريد من شخص واحد فقط رسمي او شعبي ان يدلنا على مثل هذا الفعل طوال عقدين من وجود سفارة العدو على ارضنا الاردنية , ونريد شخصا يقوم بتنشيط ذاكرتنا بمثل هذا العمل او الفائدة ان وُجدت طوال عمر السفارة في العمارة .
الذاكرة تَختزن حدثا واحدا معاكسا ومناقضا لكل هذه الحجج والتبريرات , وهي حادثة محاولة اغتيال خالد مشعل وكيف ان الراحل الحسين رحمه الله جَلب الدواء عبر بوابة تهديد اسرائيل بإلغاء المعاهدة وليس من بوابة الديبلوماسية ووجود السفارة , بل وهدد باجتياح السفارة والقاء القبض على عميليّ الموساد فيها , فجاء الدواء وتم تسليم العميلين .
النواب وضعوا انفسهم في خانة انتظار مقلقة , فواجهة الموقف او بدايته تشير الى احترام شعبي وسياسي لهذه الخطوة ولحقها تقدير عربي عبّر عنه امين عام حزب الله حسن نصر الله وغيره من الاحزاب القومية العربية , وأزال النواب عن مجلسهم وانفسهم تُهما معلبة وطازجة , وستسهم الخطوة في تكريس وجود المجلس كسلطة رقابية وتشريعية ومحاسبة , تحظى قراراته باحترام الناس في الداخل والخارج .
الاسئلة الافتراضية والنتائج المُهملة التي ستنجم عن مثل هذه الاقاويل كلها لا تخدم الاردن وقضيته , فلا وجود السفير انتج ملمسا ايجابيا واحدا , ولا كل المعاهدة اثمرت سمنا , ووجود السفارة لم يُفرز الا قلقا اردنيا متناميا من الترانسفير والتوطين وتهديدات الوطن البديل , علما بأن التبرير الاول للمعاهدة انها رسمت حدود الاردن واجهضت احلام الوطن البديل والتوطين .
نجاح النواب في طرد السفير سيحسب للدولة بكل اركانها , وستسهم في اعادة ترسيم المسافات مع دولة الكيان العبري , ولا اقل من الغاء القرارات العدوانية بمنع الاذان في الاقصى ومنع قطعان الصهاينة من تدنيس حرمة الاقصى الشريف واستعادة الولاية على المقدسات في القدس الشريف , تلك المقدسات المودعة في عهدة الاردن وقيادته الى حين قيام الدولة الفلسطينية المستقلة الناجزة وعاصمتها القدس الحبيبة , وعلى النواب الوقوف بصلابة خلف مطلبهم , فإما الطرد وإما التراجع ودون ذلك سيخسر النواب وسيخسر الاردن اكثر .
omarkallab@yahoo.com