عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

العمال .. يوم عليكم ويوم لهم

مَن حزم امتعته وغادر الى شواطئ العقبة ليس عاملا , ومن اسرع لحجز غرفة مع طين البحر الميت ليس عاملا , ومن استفاد وسيستفيد من اجازة موصولة لثلاثة ايام ليس عاملا , ومن حضّر الدشداشة وما تيسر من اسياخ الشوي ليس عاملا , لمن عيد العمال اذن ولمن الاجازة الطويلة ؟

العمال لا يحتاجون الى اجازة , لانها ببساطة هدر لقوت يومهم الذي يصطادونه يوما بيوم , فهم مثل العصافير لا كلأ ولا ماء في اعشاشهم الصغيرة الخالية من القوت والدفء , وهو يوم يتقافز الصغار في البيت الضيّق اساسا , ويوم يعني وجبة افطار من اقرب محل فول وفلافل , ووجبة ثانية للغذاء ووجبة للعشاء , اي مصاريف زيادة ليوم عمل مهدور هذا بالنسبة للموظفين الصغار او العمال الذين حصلوا على الاجازة كي يستمتع صاحب العمل على شواطئ البحر , اما العمال في القطاع الخاص فهو يوم لا يعانون فيه من ازمة السير بسبب العطلة وقد يعني انه يوم قاتل لان كثيرا من شركات البناء لا تعمل كي يستمتع صاحب العمل وربما ينقص “ الشمينتو “ الاسم الاكثر شهرة للاسمنت فيضيع اجر اليوم بسبب الاجازة .

إجازة عيد العمال سمجة لبلد يعاني من الترهل في الاداء العام ومن تراجع للدخل القومي ومن زيادة حجم المديونية , فكل المؤشرات تقول اننا لا نعمل بل يتصفح العاملون وجوه بعضهم على دواوير العمل ويتصفّح الموظفون الصحف والمواقع الالكترونية في المكاتب , فلماذا الاجازة ولماذا وقف ما تيسر من عجلة الانتاج ؟ كل مؤشراتنا حتى مؤشر السمنة الزائدة يشير الى نقص في العمل والانتاج ويشير الى ترهل اجتماعي وثقافي وسياسي , فلماذا العَطَلة “ بفتح العين والطاء “ .

في ثمانينيات القرن الماضي كنا ننتظر عيد العمال للمشاركة في رحلة ضخمة تنظمها نقابة العاملين في البنوك والتأمين والمحاسبة , كان هذا القطاع نشيطا وحيويا وكانت نقابته من انشط نقابات العمال , وكان القطاع يحتضن مثقفين من طراز رفيع “ المرحوم مؤيد العتيلي , قاسم توفيق , جمال ناجي , خالد خميس ويوسف الحوراني “ وكثير غيرهم , كانت النقابة مسرحا سياسيا لكل اطياف اللون السياسي , كانت تصدح فرقة بلدنا في دبين واحيانا فرقة الرايات وكان الغناء عذبا وكان الشواء اطيب لأنه المناسبة السنوية الوحيدة التي نأكل فيها اللحم , وكان وكان .

كُنا ننتظم على وقع ميكرفون حكم جرار , وكنا نرى العمال في ذلك اليوم وعائلاتهم , وكان يومهم لهم , كان اليوم الوحيد الذي تنتصر فيه النقابات العمالية على النقابات المهنية في الحشد والحضور , سقط العراق في وحل الحرب الثلاثينية , وسقطت معه افراح وامال وطموحات اكثر , فقدنا البهجة والحضور والفرح والاحزاب دفعة واحدة ودون سابق انذار , فجأة انكسر كل شيء حتى عصاة الروح التي كُنا نتوكأ عليها , “ يا الله كم كان حجم الكسر بعد كسر العراق “ .

عيد العمال رفاه زائد لاصحاب العمل والموسرين , وملح على جراح العمال والفقراء والكادحين , والاهم لم يتبق لدينا عمال كثر بل بات العاطلون عن العمل اكثر , فلماذا لا يكون هذا اليوم “ يوم بحث عن العمل “ بدل عيد العمال ؟ أليس هذا اكثر انتاجية من الاحتفال بيوم غير موجود أهله ولا حضر أوانه ؟ يوم البحث عن عمل بدل عيد العمال مجرد فكرة على أمل النجاح .

omarkallab@yahoo.com