في انتظار الانتخابات
كما يصبح الرئيس الاميركي «بطة عرجاء» في سنته الرئاسية الاخيرة، فإن مجلسنا النيابي ليس أٌقل عرجاً من بطة الرئيس، فالجلسات تفتقد النصاب رغم ان موعد الانتخابات القادمة ثمانية أشهر ومن غير المعقول ان ينصرف النواب المحترمون عن اداء واجبهم لانهم مشغولون في الاعداد للانتخابات النيابية القادمة.
شو عليه كما يقول البيروتي، فمجلس النواب اللبناني لا ينعقد منذ سنة ونصف، لأنه يفتقد النصاب مع ان جلسة واحدة تكفي لانتخاب رئيس الجمهورية، ولو بصوت نائب واحد، وهكذا فغياب مجلس النواب المقصود عطّل الحياة السياسية في بلد يفخر العرب بأنه.. بلد الديمقراطية.
لا نظن ان نوابنا المحترمين يريدون حل المجلس كرد فعل على غيابهم عن الجلسات، وقد أعلمنا «راصد» ان احدى جلسات الرقابة، والمخصصة لاستجوابات النواب واسئلتهم، كان فيها عدد النواب الحاضرين اقل من عدد الوزراء ورفعت الجلسة وحدد الرئيس الجلسة القادمة يوم وساعة.
الحضور والغياب في المجالس النيابية العريقة لم يكن، ولا مرة، منذ قرون موضوعاً نقاشياً لا في المجالس، ولا في الصحافة، لأنه الغياب حنث بالقسم الذي يؤديه النائب في اول جلسة تشرّع وتراقب الحكومات.
ويبدو أننا، كعالم ثالث، نتعامل مع حضورنا وغيابنا بلا اكتراث مع ان المجالس التشريعية كانت موجودة منذ عام 1928.. في بلد كانت الأمية فيه تتجاوز 80% من عدد سكانه.
لماذا نتعامل مع اعمال مجلس النواب، وأعمال الحكومة بهذه الخفة، مع اننا دولة بحاجة الى اقصى حدود الجد والتصميم لنلحق بركب الأمم الحية؟!.
لماذا نتحدث عن الفساد ونمارسه في الوقت ذاته؟ ونتحدث عن بعثرة المال العام ونبعثره في الوقت ذاته؟!.
اغلب الظن ان للفساد عندنا مفهوماً محدوداً يمكن حصره بالواسطة، وبتنفيع من نشاركهم نهب المال العام.. لكن الفساد يشمل ايضاً أخذ اجر من موازنة الدولة دون عمل.
وأخذ موقع وحجبه عن الآخرين دون ملء الموقع بالعمل والاخلاص والجهد.
لنا تجربة محدودة في مجلس الأعيان وكنا نعجب للزملاء الذين يأتون بيد فارغة الى الجلسات العامة واجتماعات اللجان، مع ان رئاسة المجلس توصل مشروعات القوانين الى بيوت الاعيان للاطلاع عليها ودرسها والتعليق عليها بانتظار الاجتماعات.
ولعل التقليد، هذه الأيام، هو الحضور الى مجلس الأمة بيد فارغة.
نتمنى ان يحاكم الناخب مرشح الانتخابات من النواب، بالكثير من الاسئلة التي تبدأ: كم جلسة حضرت في المجلس السابق؟ ما هي القوانين التي رفعت يدك للتصويت عليها؟ ما هي الاسئلة والاستجوابات التي طرحتها على الوزراء؟ وماذا كانت نتيجتها؟ وبعد كل شيء: كم الف دينار قبضت من موازنة الدولة راتباً ومياومات وتكاليف اخرى؟!.