تصدعات الأداء العام
هذه هي الدورة السابعة لجوائز الملك عبدالله الثاني للتميز للقطاعين العام والخاص وقد مرت عشرة أعوام على إنشائها , لكن النتائج لا تزال متواضعة لأن مؤسسات حكومية تشارك فيها لغايات التكريم ,وإلتقاط الصور ، وليس للتطوير والتحسين.
نسبة التحسن لا تزال ضعيفة بشكل عام ولا زلت اذكر التقرير الجريء الذي قدمه الوزير الأسبق شريف الزعبي، حينما كان نائبا لرئيس مجلس أمناء مركز الملك عبدالله الثاني لتميز الاداء الحكومي في دورة الجائزة لسنة 2013 حول تراجع الاداء الحكومي وأذكر كيف طرق بذات الجرأة رئيس الوزراء عبدالله النسور على الجدار , لكن هذا الجدار لا زال يعاني تصدعات رغم مضي ثلاث سنوات.
لم يجد التزام الحكومة لمعالجة نقاط الضعف كما وردت في التقرير ذات الحماسة من بعض الوزراء والموظفين كبارهم قبل صغارهم فأين المشكلة ؟..
لا يمكن إخفاء حقيقة أنه لو لا الانجازات التي شهدها الاردن منذ سنة 2000 وحتى 2008 والتي يضعها البعض في قفص الاتهام لكانت الأوضاع اليوم أسوأ بكثير , هذه حقيقة تثبتها نتائج الاصلاحات التشريعية والاقتصادية التي جلبت لنا نموا بلغ 8%, وهي ما يقع تحت التهديد اليوم عندما تحولنا عن الادارة الاقتصادية الى إدارة مالية تلهث وراء تحقيق الايرادات بينما لا يتوقف أحد ليسأل عن النفقات الجارية تحديدا التي زادت بفضل التعيينات العشوائية في قطاع عام متضخم , وبفضل تنامي الرعوية وهي غير الرعاية على حساب العمل والإنتاج.
صحيح أن الأداء الحكومي تأثر بالمزاج العام السائد , لكن التردد في اتخاذ القرار وتحمل المسؤولية الذي أصاب عموم الموظفين صغيرهم وكبيرهم كان الأسوأ في مشهد التراجع , لكن أحدا لم يتوقف ليبحث في الاسباب وهي من صنع بعض عباقرة البيروقراطية وسدنة القطاع العام من الذين لا يؤمنون بدور أو بصفة للقطاع الخاص سوى أن يكون دائما في قفص الاتهام.
صحيح أن الحكومة ليست شركة , لكن الصحيح أيضا أن عليها أن تقدم خدماتها مثل شركة يشغل بالها بالدرجة الأولى رضى متلقي الخدمة وهو المواطن. الذي منه تستمد مشروعيتها والسلطة في أي دولة إنما وجدت لخدمة الناس وتحقيق آمالهم وتطلعاتهم في حياة كريمة , لا أن تكون سلطة عليهم.
الإيمان مفقود في عدد كبير من الوزارات والمؤسسات بمسؤوليها وموظفيها بفلسفة الخدمة العامة وببرامج الاصلاح الاداري وبالتميز , في حالة لا مبالاة , تعكس أن التراجع قد مس السلوك العام , في المؤسسات والوزارات في فهم مغلوط لمبادئ الخدمة العامة.
هل نحتاج الى ثورة بيضاء تختص بعمل الجهاز الحكومي، كتلك التي بدأت عام 2000عندما تحول الاردن الى خلية نحل في كل الاتجاهات , قبل أن تنتكس حتى قبل الازمة المالية العالمية وقبل الربيع العربي.