.. بالمزيد من الديمقراطية!
الأرقام الاحصائية تقول: سيكون لنا في الانتخابات النيابية القادمة 3ر4 مليون ناخب والرقم مثير للاهتمام. فلا يوجد قانون يفرض على المواطن الذهاب الى الصندوق وانتخاب ممثله في الندوة التشريعية..! وبالتجربة فان نسبة المقترعين في انتخاباتنا السابقة تقول: إنها في المناطق البدوية تصل الى 80%، وانها في المدن الكبيرة تصل الى 26%. وهناك طبعا مئات آلاف الأصوات تضيع في الهجرة حيث قانوننا الانتخابي لا يذهب الى المغتربات رغم وجود وزارة لها. وهناك ما يوازيها تقريبا تضيع اصواتها لانها اصوات رجال الجيش والامن.. وهو قرار غير دستوري لنه يحرم مواطنا دافع ضرائب من حقه الانتخابي لانه يلبس زيّاً مختلفاً. وعلينا ان نعيد النظر في هذا النمط من الحرمان لان استمراره لا علاقة له بتبرئة الحكومات من جريمة التزوير، فالحكومة لا تشرف الآن ولا تدير الانتخابات، بعد ان تأسست هيئة مستقلة لاجراء والاشراف على الانتخابات من ألفها الى يائها.
.. المهم ان شفافية الانتخابات، وارتفاع الرقم الاحصائي للناخبين لا يعطيان مجلساً نيابياً ديمقراطياً.. اذا لم تكن هناك قوانين انتخابية صارمة، واحزاب تقود التحركات الشعبية في اتجاه توليد رأي عام يفرز ممثلين أقرب الى الإرادة الشعبية.
لكي نفسر: فقانون الانتخاب الذي يعطي نائباً منتخباً بـ800 صوت مقعداً في مجلس النواب، هو قانون قاصر. وحين اقترحنا في هذه الزاوية ادخال البالوتاج الى نظامنا الانتخابي فان احدا لم يثنِ على هذا الاقتراح. وهو بالمختصر المفيد:
– بالتجربة، فان عدد المرشحين للمقعد الواحد بحسب الصوت الواحد او غيره، هو خمسة عشر او اكثر. وهكذا وبغياب القائمة الحزبية (والانتخابية) فان اصوات الناخبين ستتوزع وتعطينا نائبا ربما يمثل العائلة.. ولا يمثل حتى العشيرة.
– هنا يجب اجراء اقتراع آخر يتم فيه التفاضل المرشحين (الاثنين) الاكثر أصواتاً، ومن ينجح منهما فهو النائب بأكثرية شعبية مقنعة.
هذا النظام شهدنا في سوريا ايام عزها الديمقراطي. فلا يصح ان يجلس في المقاعد النيابية عضو اسمه خالد العظم وقد اخذ ثلاثين ألف صوت.. او خالد بكداش واخذ وقتها 24 الف صوت. مع نائب نجح بـ700صوت.
وقد شهدنا في انتخابات 1989 عندنا الناجح د. الكوفحي في اربد بثلاثين الف صوت.. ونائباً اخذ 800 صوت او 1250 صوتا ولا نقول اين.. لكنهم جلسوا في مقعدين متجاورين في المجلس النيابي، وحمل كل منهم لقب: نائب الشعب!!. وهذا لا يصح.
هذه، واهمها ضعف الاحزاب وتعددها (35 حزباً)، هي التي تعرقل مسيرة انتخاب مجلس النواب. وتعرقل تجربتنا الديمقراطية ونستميح المتفائلين عذرا حين نقول: لا شيء يتقدم مع الوقت. فالتطور المرحلي ليس موتا مرحليا، مثلما ان الثورة ليست الاداة الافضل الصانعة للديمقراطية.
لقد ثبت ان فساد الديمقراطية لا يمكن اصلاحه بالانقلاب العسكري، والبيان رقم واحد. وانما بالمزيد من الديمقراطية: ورحم الله خالد محمد خالد.