السيناريو السوري مرة أُخرى
– لماذا قرر الرئيس بوتين سحب جزء كبير من قواته، من سوريا؟!
– للأسباب ذاتها التي منعت الرئيس اوباما من دخول حرب في سوريا طيلة خمس سنوات.
لا يمكن ان نفهم طبيعة الحركة العسكرية لروسيا او لأميركا، بمقاييس استقطاب الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة للسياسة الدولية، او نتعامل مع الخطأ الاساسي لنظرية ان هيمنة القطب الواحد وانهيار الاتحاد السوفياتي، يمكن ان تكون قابلة لعالم القرن الثاني والعشرين، فقد تصور سياسيون كبار ان قنبلة هيروشيما، واستسلام اليابان نتيجتها،ـ جعلت من الولايات المتحدة القوة الأوحد بعد الحرب العالمية الثانية، الى ان فجّر الاتحاد السوفياتي سلسلة قنابله النووية.. فلا يمكن لعالم اليوم ان يبقى حبيس القوة المهيمنة الواحدة.
سوريا ليست أكثر مناطق الشرق الأوسط حساسية، وخطورة، وتأثيراً على محيطها.
نحن تصورنا ذلك، لكن العراق بعد الغزو الاميركي، كما بعد الانسحاب كان هو الاكثر حساسية والاخطر، لانه فتح الباب امام الاندفاع الايراني الذي تصوّر لحظة انه يسيطر على اربع عواصم عربية، وان حدوده الغربية هي البحر المتوسط، اي انه القوة الاقليمية الاوحد، وقتها حاولت تركيا ان تمد يدها فجاء الروس بثقل قوتهم العسكرية فأمسكوا «بجلابيب» الطرفين الايراني والتركي، وباتفاق واضح بين موسكو وواشنطن تحجّمت القوى الاقليمية الايرانية والتركية والاسرائيلية، فتل ابيب كان لها مطلب واحد هو منع حصول حزب الله على «اسلحة مؤذية» وقدمته روسيا لها وباتفاق واضح اعاد الصراخ من الضاحية الجنوبية الى تفريغ ذاته.
امس لاحظنا ان الروس سيحافظون على قاعدة حميميم الجوية، لمراقبة وقف اطلاق النار كما قالوا ونبهنا ان لاميركا–على السكت–قاعدة في شمال الحسكة تؤوي طائرات بلا طيار للمراقبة، وطائرات هليوكبتر مستعدة للتدخل واسناد كرد سوريا الجديدة وحلفائهم.
الروس حتى الان لم يضربوا الدولة الاسلامية ولم يحاربوا الارهاب، وكل ما فعلوه هو حماية نظام الاسد، الذي لم يفهم ان حماية نظامه لا تعني سيطرته على كل سوريا كما توهم.
كنا نقول امس، ان السيناريو لحل سياسي سوري تنقصه التفاصيل، ولعل زيارة كيري لموسكو ومقابلته لبوتين ستدخل في التفاصيل.. وما علينا سوى متابعة.. مفاوضات جنيف.