عن وزارة العمل ومهمتها
بعد وزارتي الصحة والتربية, وزارة العمل بالمرتبة الثالثة في توفير فرص العمل في القطاع العام وهذه ليست مهمتها, لكن العبء الذي وجدت نفسها تحمله نيابة عن الحكومة ومؤسساتها جعلها تتصدى لهذه المهمة, فأصبحت مقارعة البطالة هاجسها مع أنه هاجس كل الوزارات والمؤسسات. حل هذه الإشكالية يحتاج الى قلب قواعد قياس البطالة ومن ذلك وضع الحلول, وهي وجهة نظر لافتة طرحها وزير العمل نضال القطامين في مداخلات مثيرة للجدل في حوار ثقافي واقتصادي وسياسي مع مجموعة أصدقاء متنوعة المشارب والأعمال, أهمها إعادة النظر في قياس معدل البطالة ليصبح قطاعيا تأخذ كل وزارة مسؤولية قياسه ووضع الخطط لمعالجته .
مهمة وزارة العمل هي تنظيم سوق العمل, لكننا وجدناها مبكرا تدخل بقوة الى ميدان التشغيل ببرامج بعضها نجح وبعضها أخفق, الى تنبه الوزير الى عمق التشتت وتعدد المرجعيات كعائق أفشل حتى الآن معظم البرامج التي تبدأ صحيحة في البناء قبل أن تنهار أمام معضلة غياب التنسيق والمواءمة, ابرز عناوينها مخرجات التعليم , فحتى قبل المعلومات التي وضعها الوزير بين أيدينا كانت القناعة بأن قطاعا واعدا مثل الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات هو قطاع جائع يلتهم كل الخريجين سائدة لكن الحقيقة هي غير ذلك تماما .
دفعت كثير من الأسر بأبنائها للدراسة في تخصصات القطاع المعروفة والمخترعة لغايات تجارة التعليم وقد ظنوا بأن فرص العمل تنتظر, وأن الطلبة لن يغلبوا في الظفر بعمل حتى وهم على مقاعد الدراسة, لكن النتيجة أن هناك نحو 30 ألف طالب على مقاعد الدراسة اليوم في تخصصات خلقتها الجامعات تزيد عن 20 لكن ما يوفره القطاع بكل تشعباته فقط 1400 فرصة .
هذه نتائج دراسة توصلت الى قناعة بأن التعليم هو الحل وهو المشكلة, وهي تماثل تماما القناعة التي ترسخت بأن القطاع الخاص والإستثمار هو فقط المولد لفرص العمل بعد أن طفح إناء القطاع العام بمن فيه, وقد قلنا ولم نزل أن لا مصلحة لأحد، حكومة ومواطنين في التضييق على القطاع الخاص وفي طرد الإستثمار وحجبه وفي تنفيره تحت عناوين الفساد وغير ذلك من الشعارات المهترئة التي يطلقها بين فينة وأخرى مسؤولون وشخصيات عامة ونواب عاملون وسابقون يتابكون على ما زعم بالثروات المنهوبة ويقيمون لها احتفاليات للذكرى على مواقع التواصل الإجتماعي يقرأها كل الناس وكل المستثمرين الموجودين والذين تراودهم فكرة الإقبال على الأردن .
المهم أن القناعة بأن الإستثمار هو الحل تحتاج الى أقدام تمشي على الأرض وليس فقط شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع , وللتحفيز بادرت وزارة العمل وهذه أيضا ليست مهمتها الى إنشاء مصانع المحيكات في القرى التي لا يجدها القطاع الخاص مغرية فأغرته بالأرض والبنية التحتية ونصف رواتب الفتيات ’ وكان النقاش مع الأهالي في ثقافة العيب مضنيا , لكن القناعة بأن هذا هو الطريق الى عيش كريم انتصر , فها هن الفتيات وقد بدأن مشوارهن في العمل ومعه بدأ مشوار التغيير في طبيعة حياتهن في بيئة أفضل على المستويين الشخصي والأسري والمجتمعي .
الخلاصة أن وزارة العمل تحولت الى التشغيل كليا وهو تغيير جوهري في مهامها تتصدى فيه للبطالة نيابة عن كل الوزارت وهنا نقترح تغيير اسمها الى وزارة الشغل , لتتفرغ لمهام الإستثمار والتشغيل وتتخلص من الملفات الأخرى الشائكة والثقيلة التي يغرق في مستنقعها كل وزير يتسلم الحقيبة وما أن يتعلم السباحة تكون الملفات الأساسية الأخرى قد غرقت, ومثال ذلك الخلاص من ملف خادمات المنازل, فهذا الملف بكليته يجب أن يرجع الى وزارة الداخلية .