ما الذي يجري في سوق الحديد ؟
لماذا سترتفع أسعار الحديد بينما نشاط البناء في تراجع ؟.
إذا كان الارتفاع التدريجي لاسعار الحديد في السوق المحلية يرتبط بنشاط البناء فالأخير تراجع خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2015 15.1% ما يعني أن اسبابا أخرى تقف خلف هذا الصعود منها محلية وأخرى عالمية.
في الأسباب العالمية نذكر وقف الصين وهي من أكبر المصدرين عن التصدير , لكن في الأسباب المحلية هناك إحتكار تشكل فعلا , عندما قرر تجار شراء كامل إنتاج المصانع ورفع الأسعار فورا , بينما لا تزال وزارة الصناعة تعالج هذه الخطوات بإغلاق الإستيراد وتقنينه لبعض المستوردين وفق نظام كوتا عفا عليه الزمن. وربما أن الآوان لأن تتخذ الوزارة هذه المرة قرارات إستباقية لإرتفاع كبير متوقع بفتح الإستيراد الحر لتحقيق التوازن في العرض والطلب.
حالة السوق تقول أن الطلب المحلي لا يقف وراء أرتفاع أسعار الحديد , فنشاط البناء في المملكة سجل أداء ضعيفا , كما أن الحكومة وهي الأكبر في طرح عطاءات الأبنية لم تطرح عطاءات جديدة وهي بالكاد سددت حسابات متأخرة للمقاولين.
أسعار الحديد تعاود الارتفاع بعد انخفاض حاد بلغ نحو 50% أعقب ضخ المنتجين الكبار لكميات كبيرة من الحديد في الأسواق ما دفع في حينها دولا كثيرة لتطبيق نظام الحماية لمنتجها المحلي في مخالفة واضحة لقوانين التجارة العالمية , وهو ما لم تفعله الحكومة التي قررت تسريب تراخيص الاستيراد وبشكل إنتقائي في تحديد كميات الإستيراد.
قد تجد مصانع الحديد التي لا تزال تأتلف فيما بينها في إرتفاع الأسعار تعويضا لها عن خسائر الحقبة الماضية , كان هذا سيكون ممكنا لو أن المشاريع التي رافقت حقبة الارتفاعات القياسية السابقة ما تزال في ذروتها لكن الرياح لا تأتي كما تشتهي السفن دائما , وعليها أن تتبع أوضاع السوق , بدلا من أن تأمل في أن تتبعها سوق لم تزل متثاقلة.
قبل أن نقترب من أزمة جديدة في حديد التسليح بسبب إحتكار تجار لهذه السلعة الإستراتيجية وسيطرتهم على الأسعار على الحكومة أن تبذل كل جهد ممكن لضمان كفاية المعروض بفتح الإستيراد وقبل هذا وذاك خلق بيئة حقيقية للمنافسة لكسر الإحتكارغير المعلن.