الموادعة أو اقتسام المنطقة؟!
كان كلام الرئيس اوباما مكثفاً، وقصيرأ وقد لا يكون واضحاً للمراقب من الداخل:
– فمن المؤكد ان دعوته للسعودية وايران لنمط من التعايش في المنطقة لا تعني اقتسامها.
– واذا كان يعني «الموادعة» بين قوتين لهما حلفاء، فأن الرئيس الاميركي لا يفهم عقلية الجماعات التي تحكم ايران، فلم تقنعهم حرباً استمرت ثماني سنوات مع العراق على قبول قرارات مجلس الأمن أو وساطة دول حريصة على ايران والعراق، أو حجم الدمار الذي طال مدناً وموانئ ومعامل نفط، ومليون قتيل وملايين المشوهين. ولم تنته الحرب الا بعد ان وصل الخميني إلى «تجرع السم» وقبوله قرارات مجلس الأمن.
لقد كانت الخسائر في الجسم الايراني هائلة اثناء الحرب، فكيف بعد ان وصل الأمر إلى الحرب بالواسطة by proxy. ونجاح ايران في تجنيد آلاف العرب والافغان والباكستانيين للحرب عنها؟!.
الرئيس اوباما له سلوكه البعيد عن حل المشاكل الدولية بالحرب.. وخاصة الحرب بالقوة الاميركية فهو لا يجد أنه مجبر بالدفاع عن دول الخليج العربي رغم مرابطة اسطوله البحري في البحرين وعمان، ورغم أكبر قاعدة جوية اميركية خارج اميركا في السيلية بقطر!! ولا يجد انه مجبر بفرض حل للقضية الفلسطينية بالضغط على اسرائيل التي تستطيع بنفوذها اليهودي داخل اميركا احداث متاعب لأي ادارة ولا يجد انه من الحصافة استعداء دولة كبيرة كايران لعيون العرب أو الأتراك.
هذا اصبح مفهوماً للسعودية والعرب والجزء الأكبر من المسلمين، ولكن غير المفهوم هو نوعية العلاقة الاميركية بايران التي تحوّل شعارها من الله اكبر إلى الموت لاميركا.
وكثيرون يعتقدون ان هذا الشعار هو مجرد دعاية لا تُعبّر عن السلوك السياسي الواقعي، لكنه شعار يردده الفتى الحوثي في صنعاء، وشدقه مدلى بالقات، وزنوبته أو اقدامه الحافية، ووزرته، تشكل كلها مع الكلاشينكوف مشهداً لا يكتمل الا بالصيحة:
الموت لأميركا، ورفع قبضته في وجه العالم، وهذه ليست مجرد دعاية، انها عقيدة قد تورط ايران اكثر من اي بلد اذا طلبت من مؤيديها: صداقة أميركا أو استهدافها!!.
من المعيب ان نفهم دعوة الرئيس اوباما على انها دعوة السعودية وايران إلى اقتسام المنطقة، فهذا ليس سهلاً ولا يرضي السعودية وايران، أو يرضي اوروبا وروسيا والصين.
لا نظن ان الرئيس يملك هو نفسه تصوراً واضحاً لمشاكل المنطقة، فسياسته الثابتة هي الانتظار، فالوقت هو القوة الغلاّبة التي تفرض الحل لأزمات المنطقة.