0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

.. د. الترابي

في بيته كنّا نشرب أطيب عصير منجا أنا والمرحوم جورج حداد وحمادة الفراعنة وكان بيت د. الترابي في الخرطوم كخلية نحل.. ومكتظ في الحديقة، بأناس يدخلون ويخرجون لكن لا أحد يقاطع الدكتور وضيوفه في داخل البيت المتواضع الفسيح.
كانت المناسبة «المؤتمر القومي الإسلامي» وقد حشد له الرجل أردنيين من الاخوان وغير الاخوان، وكل قادة المنظمات الفلسطينية، ومندوب عن اخوان سوريا في السعودية، وآخر عن اخوان سوريا في العراق وراشد الغنوشي ومن افغانستان وغيرها لكن اخوان مصر قاطعوا كلياً: لا أحد في المؤتمر.
ولأننا كنا نعرف ان فكرة مثل هذه الجبهة القومية الاسلامية بعيدة عن العراك في المنطقة الآسيوية فقد ركّزنا في اسئلتنا على احجية الاخوان والترابي وفهمنا من الرجل:
ان الحزب حين يصل الى الانتشار المعقول فانه يجب ان لا يستمر بطروحاته، وهياكله التنظيمية وعليه ان يخرج من القوقعة الى الناس بعقلية وروحية جديدة، والا فان الحزب سيتجمد، وسيركز على مصالحه الحزبية.. حتى لو كانت على حساب الوطن.
الدكتور الترابي حلّ الاخوان المسلمين، بعد ان اصبحوا قوة حقيقية، وانتقل بهم الى الشعب.. الى مدى ارحب، والى الجيش ونجح في الانقلاب على رئيس الوزراء صادق المهدي واكثريته البرلمانية بواسطة تنظيمه في الجيش واستطاع لمدة طويلة نسبياً ان يخلق تفاهما اشبه بالتحالف مع الجنرال البشير.. ثم كعادة العسكر انقلب على شريكه الترابي فخرج من الحكم بحزبه الكبير.. ليعارض العسكر.
حين التقينا بالدكتور الذي جمع لقبه العلمي من اوكفسورد، ومن السوربون. كان يحاول تأسيس قيادة عالمية بتحالف مع القوميين في العالم العربي والاسلامي على موازاة التنظيم الدولي للاخوان المسلمين والحقيقة اننا بعد ذلك المؤتمر لم نفعل شيئا.. وحتى البيان لم نحرص على وضعه في ملفاتنا ولم نلتق بالدكتور الترابي إلا حين اتصل هاتفياً من فندقه بعمان، ثم تناولنا غداء في بيت الزميل الفراعنة مع جمع من بعض قادة الاخوان، وسياسيين اردنيين كان اقرب الى الدعوات التقليدية وبالاحاديث المعتادة قبل الجلوس.. إلى المائدة، وتناول الطعام الفلسطيني الممتاز.
في اكثر من مناسبة ذهب الدكتور الترابي الى الحبس، وكنا نشفق على رجل تجاوز الخامسة والسبعين ودهشنا لاقامته علاقات مع الجنرال الجنوبي غارنغ.. وأيده في حربه لأجل الاستقلال والانفصال عن السودان، وجاءنا نبأ وفاته عن 84 عاماً.. ونستطيع ان نفهم وداعه الجماهيري الذي كان في مقدمته الرئيس الجنرال البشير..
رحمه الله.