صرف لقب «خبير» عن جنب وطرف
كتب. علاء القرالة
في الآونة الأخيرة بدأت لدينا ظاهرة خطيرة واعتبرها من الأخطر على اقتصادنا وعلى المجتمع بشكل عام وتتمثل بصرف لقب «خبير» لمن هب ودب وعن جنب وطرف، وكأننا بتنا نحصر لقب الخبير ونعطيه لكل من يهوى التنظير ومهما كان اختصاصه، فكم لدينا خبير؟ ولماذا يصرف لهم هذا اللقب؟
لقب خبير اصبح يستخدم من قبل البعض لأجل «اعادة انتاج» والتذكير بأنفسهم، وللاسف يستخدمونه دائما بالتنظير والهجوم على السياسات العامة وباسلوب شعبوي بحت لايميل لا للمنطق ولا للواقع في الموضوع الذي يتحدثون وينظرون فيه وتحديدا بالشأن الاقتصادي، الذي اصبح اليوم قاعدة الانطلاق في عالم الخبرة والتي اصبحت متاحة للجميع، فكم لدينا خبير طاقة وخبير مياه وخبير طقس وزلازل وجولوجيا وعلوم وحتى في الفلك وفي مختلف المجالات.
“الخبرة» كلمة ليست سهلة ويجب على من تطلق عليه ان يكون ذا المام واسع بما يتحدث وأن يكون من اهل المعرفة والاختصاص والتجربة الطويلة، فلا يعني انك اصبحت وزيرا لشهور انك اصبحت خبيرا ولا يعني انك قد درست تخصصا انك اصبحت خبيرا فيه ولا يعني انك عملت في عمل ما انك اصبحت خبيرا، فالخبرة يحكمها الاختصاص والتجارب والفعل وليس بالتنظير فقط، وتجاربنا مع العديد منهم اثبتت ان خبرتهم لم تتعدى حدود التنظير خارج نطاق المسؤولية وبأنهم خبراء بالقول وليس بالفعل وهذا ما لا نريده ولا نحتاجه وتحديدا اقتصاديا.
اقتصاديا نحن حاليا نعيش افضل اوقاتنا من استقرار نقدي ومالي ونمو اقتصادي بمختلف القطاعات وحالة واستقرار على معدلات التضخم مقارنة مع حجم التحديات العالمية، ومع ذلك يخرج علينا بعض ممن يدعي الخبرة بالتشكيك والتخويف وطرح حلول و مقترحات سحرية ليس لنا قدرة على تحقيقها لضعف قدرتنا وامكانياتنا ومواردنا المالية، ومع ذلك يصرون عليها في كل مرة يخرجون بتنظيرهم علينا كتخفيض الضرائب والرسوم مثلا وكانهم لا يعلمون ان موازنة المملكة تعتمد عليها بشكل كبير بالايرادات لدفع الرواتب والنفقات العامة من تعليم وصحة.
المثير للاهتمام ان بعضهم لدية خبرة في كل شيء باستثناء الخبرة بقدرتنا المالية ونقص الموارد، فيذهب الى حلول ومقترحات لا نستطيع تحقيقها، فمقترحاتهم التي لا تتواءم مع الحقيقة هي اقرب الى طرحها في دولة نفطية وذات اقتصاد كبير وليس على اقتصاد صغير كما اقتصادنا، وكما انهم دائما ما ينطلقون بتحليلهم بمقارنات مع دول لا تشبهنا لا في الامكانيات ولا بالموارد ومع ذلك يصرون على ارائهم التي سرعان ما تختفي وتتبخر بحال توليهم المسؤولية.
خلاصة القول، اي اقتصاد في العالم يعتمد في ممارساته على الواقع والمنطق وما تمتلكه الدولة من امكانيات وموارد ولا يعتمد على الاحلام و الامنيات والحلول النظرية التي لا يمكن تحقيقها، ومن هنا فاقتصادنا يرجوكم ويطلب منكم ان تتوقفوا عن التنظير الشعبوي على حساب استقراره، ويطلب منكم ايضا الذهاب لمجالات اخرى كثيرة تستطيعون ان تحصلوا من خلالها على لقب خبير بعيدا عنه فهو حاليا مشغول بتنفيذ رؤيته التحديثية.