الربيحات يكتب: مخاطر التمزيق لما تبقى من النسيج الاجتماعي
نعرف ان القانون “الجرائم الالكترونية” قد أقر من قبل النواب.. ونعرف انه على الطريق السريع ليقر ويصادق عليه ويدخل حيز التنفيذ.. بعد كل هذا نضع نقطة ونذهب الى بداية السطر الجديد لنقول:
في الاردن ومعظم البلدان العربية هناك قدر كبير من أحاديث الاستغابة والنميمة. غالبية هذه الممارسات جاءت كنتيجة عكسية لمبالغتنا في المجاملات والمسايرات التي نرفع فيها من يجالسنا الى السماء مدحا واطراء وترحيبا فنسقط على شخصيته كل الصفات الحسنة والاخلاق الحميدة ونصطنع مواقف بطولة ننسبها اليه فيرتفع منسوب الادرينالين لديه ويتجلى وتتفتح قريحته وشاعريته ليمطرنا بمديح وغزل ويرسم لنا عن أنفسنا صورا تبلغ من الحسن درجة تفوق التصديق ومع ذلك نتواطأ معه على قبولها وتصديقها وقد يتسلل الى وعينا انها حقائق لا نقبل لاحد ان يعاملنا الا على هديها.
هذا الميل الشديد للمبالغة في الحب والترحيب والوصف لا يستمر طويلا فما ان يغادر الشخص مجالسنا حتى تبدأ عملية التراجع عن كل ما قيل ويبحث المادح او المنافق عن جليس اخر ليفرغ بحضوره كل ما خشي ان يقوله بحضور الجليس الأول وتجري عملية مبالغ فيها من الذم والتحقير والنيل من كرامة وسمعة الشخص الذي كان جليسا للمادح قبل سويعات.
هذه الحالة عامة وموجودة على امتداد الفضاء العربي ويعود سببها الى المقارنات التي تجري بين الأخوة في البيت وبين الاقارب والاقران ليصبح الجميع كاره للنجاح ومعتبرا ان نجاح من هم في دائرة المقارنة فشل له.
هذه السمة التي تمتاز بها ثقافتنا “المبالغة” في المديح وفي الشتم والتحقير يستخدمها البعض في تمجيد أعمال الحكومات وفي الحديث عن الاشخاص وفي توصيف الاستقامة وفي اتهامات الفساد وفي الحديث عن عبقرية الأبناء وفي الحط من أحقية المنافسين.
اليوم ومع إقرار مجلس النواب لمشروع قانون الجرائم الالكترونية وتيسر وسائل وادوات التعبير التكنولوجية للجميع أخشى أن يبدأ الافراد باستخدام هذا القانون للتراشق بقضايا لا تملك الجهات القضائية ولا الامنية الوقت ولا الموارد للتعامل معها..
التجريم لسلوك الاستغابة والمناكفة والمبالغة في توصيف الواقع وحتى الاتهام والتجني قد لا يغير كثيرا في هذا الواقع بمقدار ما يسهم في تغذية وتحفيز الصراعات وقيادة المجتمع الى حالة يدخل فيها الجميع في صراع ضد الجميع.