.. سوريا مرّة أخرى!
يقول عبدالرحمن منيف في احدى رواياته على لسان الهذال: اذا رفعت سلاحك فأطلق النار.. وغير ذلك لا ترفعه أبداً.
وشركاء المذبحة السورية، وصلوا إلى مرحلة رفع السلاح دون إطلاق النار، ومع ذلك فإن صوتهم ما زال مرتفعاً:
– النظام: وقف اطلاق النار لا يشمل داريا.
– تركيا: وقف اطلاق النار لا يلزمنا إذا تهددت مصالح بلادنا.
كتبنا أكثر من مرّة خلال الأسبوعين الماضيين بأنّ اتفاق واشنطن وموسكو على وقف الأعمال العدائية في سوريا يعني:
– إلغاء ادوار الكومبارس في المنطقة، وتكفّل القوتين الأعظم بفرض هذا الاتفاق على كافة أطراف الصراع.
– وجود سيناريو لما بعد إطلاق النار، يمرُّ عبر الأمم المتحدة من حيث تفاوض السوريين مع السوريين لانفاذ مقررات جنيف الواحد. ومن حيث فتح طرق آمنة لايصال الاغاثة لملايين السوريين المحاصرين بالميليشيات، والخوف.
حين يتحدث السوريون إلى السوريين، فإن واشنطن وموسكو لن تتقاسما الغنائم. فلم يعد في سوريا غير الدمار، والجوع، وخراب المدن واضمحلال السيادة الوطنية وتشوّه مفهوم الدولة المدنية. وستتركان للسوريين فرصة إعادة البناء والعيش جنباً إلى جنب بمذاهبهم المسلحة، واسترهانهم بقوى المنطقة، وخضوعهم لأبشع انحطاط يمكن أن تصل إليه أية أمة: الحرب الأهلية.
الأميركيون قد يكونوا استفادوا من تجربتهم المرّة في العراق، فقد تصوّر يهود الإدارة انهم يستطيعون تكرار إعادة تركيب الدولة الألمانية بعد الحرب الثانية. ونسوا أن الذين فعلوا ذلك هم أميركيون أصحاء العقول، فقد كانت خطة موغنتاو مستشار ترومن الصهيوني، منع نهوض الصناعة الألمانية.. لأن هذه الصناعة تعني السلاح.. وتعني حرباً مقبلة.
الذي وقف في وجه خطة مورغنتاو وزير خارجية أميركا الجنرال مارشال، ووزير الدفاع مورستال الذي انتحر احتجاجاً (او اغتيل) ورئيس وزراء بريطانيا ونستون تشيرشل الذي سأل الرئيس الأميركي بعد عوض مورغنتاو لمشروعه: وماذا نفعل بألمانيا جائعة؟؟.
فشلت إدارة الجمهوريين في صنع عراق وأفغانستان جديدتين، ولم يجد باراك أوباما مخرجاً للحرب التي انتهت إلى.. فأر اسمه هنا بريمر، واسمه هناك اسمه كارزاي. بدولة لا جسم لها، ولكن لها عدة رؤوس.
لا يمكن ترك سوريا لتنتهي الحرب كالعراق وافغانستان وليبيا. وهذا ما يشغل ادارة أوباما وبوتين. ويدفعهما للعمل معاً لانقاذ أنفسهما من التورط في حروب مذهبية ودينية وعشائرية.. ومدفوعة الأجر.