عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

هل يمكن الجمع بين الاحسنين؟

حتى هزيمة الخامس من حزيران 1967، كان القوميون والعلمانيون العرب هم الذين يقومون بمهمة التصدي للنفوذ الغربي وصيانة الاستقلال الوطني. وكان الاسلاميون قوة رجعية مقموعة فكرياً وأمنياً.
بعد الهزيمة التاريخية التي حدثت في العهد القومي العربي، وتحت قيادة الرئيس جمال عبد الناصر، برزت الصحوة وظهر الإسلاميون كقوة مقاومة لهيمنة الغرب، وتسلموا قيادة المعركة السياسية والحضارية مع الغرب، ولا يبدو أنهم نجحوا حيث فشل الآخرون، كما تدل حالة العالم العربي اليوم، فكان الانحسار والإحباط الذي عبـّر عن نفسه بظاهرة الإرهاب الدولي.
في هذه المرحلة الانتقالية، حاول البعض الخروج بمعادلة ترفض الصراع بين الحضارات، وتحاول المزاوجة بين الثقافات، بحيث يمكن الاستفادة من جميع الإمكانيات المتاحة عن طريق التوفيق بين القوى التقدمية المهزومة، والقوى الإسلامية الصاعدة. وأبرز تجليات ذلك المؤتمر القومي الإسلامي الذي انعقد عدة مرات في بيروت برعاية مركز دراسات الوحدة العربية – خير الدين حسيب (قومي)، وانتهى بإنتاج مجموعة من الشعارات التلفيقية التي لم تترك أثراً على أرض الواقع.
هذا التوفيق أو التلفيق أخذ بفكرة الجمع بين الأحسنين، أي الاخذ باسباب التقدم والتطور التي حققها الغرب، مع الحفاظ على الأصالة والثقافة الإسلامية.
أحد الأمثلة للجمع بين الأحسنين، التي أشار إليها المفكر الكويتي وأستاذ علم الاجتماع في جامعة الكويت-خلدون النقيب، شعار كان قد رفعه الليبراليون، هو الأخذ بمبدأ الديمقراطية على النمط الغربي مع الحفاظ على الخصوصية الثقافية، بعبارة أخرى الجمع بين الحداثة والأصالة، مما يمثل التنازل الأول على مستوى نزاع الحضارات.
المثال الثاني هو منح المرأة حريتها، والسماح لها بدخول سوق العمل، والذهاب إلى المدارس والجامعات، شريطة الاحتفاظ بالعفة والحشمة وحسن السلوك، وخاصة في الملبس، وبالتالي الحد من تطرف النظام الأبوي الذي يفرض هيمنة الرجل الذكر.
تحت هذا التوجه وافق الإسلاميون على الديمقراطية والتعددية وتداول السلطة (كلامياً على الأقل) جنباً إلى جنب مع المطالبة بتطبيق الشريعة. وتحت هذا الاتجاه أخذت بعض الفنانات والمذيعات بارتداء الحجاب للجمع بين الأحسنين: الدنيا والآخرة.
الجمع بين الأحسنين هو الشعار السائد في العالم العربي اليوم، ويمثل جوهر الخطاب الرسمي، أي إدعاء الجمع بين إنجازات الحضارة الغربية في جميع الميادين، وبين الحضارة والتراث الإسلاميين، مما يعتبره النقيب نظاماً هجيناً غير قابل للتطبيق.

رد على مقالة الدكتور فهد الفانك

رد على مقالة الدكتور فهد الفانك المنشورة في صحيفة الرأي بتاريخ 19 /1/ 2016 وعنوانها «صكوك بدل السندات – الكهرباء الوطنية تواصل الإقتراض».
بادئ ذي بدء أرجو أن أُبيّن بأنني لست معنياً بالرد على موضوع مديونية شركة الكهرباء الوطنية وكيفية إدارتها لإلتزاماتها وعلاقتها بالحكومة، فما يدفعني إلى الرد هو ذلك الخلط في المفاهيم والمصطلحات لدى الدكتور الفانك فيما يتعلق بإصدار الصكوك، فتراه يُطلق الأحكام جزافاً دونما دراية بموضوع الصكوك وكأنيّ به يقول تصريحاً أو تلميحاً بأن إصدارها يشكل إلتفافاً على وسائل التمويل التقليدية كالإقراض.
يخلط الدكتور فهد بين الصكوك والقروض والمرابحة والفوائد واقتسام الربح وارتباط الصكوك (بسعر ثابت تقرره الحكومة عن طريق البنك المركزي ووزارة المالية)، وقد ألقى الدكتور بأحكامه جزافاً يحتاج الرد عليها إلى عشرات الصفحات، وسوف أحاول في هذا الرد أن أُوجز قدر الإمكان وبما يُسهِم في توضيح الصورة:
1. يخلط الدكتور فهد بين المرابحة والقرض، وهنا أُبيّن بأن المرابحة هي أحد أنواع البيوع المعروفة منذ زمن طويل فهي أحد أنواع بيوع (الأمانة) التي تشمل بيع المرابحة وبيع الحطيطة (الوضيعة) وبيع التولية، ويُعرّف بيع المرابحة بأنه» بيع بمثل الثمن الأول وزيادة (ربح)»، ويشمل الثمن الأول تكاليف السلعة أو البضاعة كاملة، علماً بأن هناك أنواعاً أخرى من البيوع معروفة مثل (بيع المساومة) و(بيع السَّلم أو السَلَف) وبيع الأجل (النسيئة) و(بيع التلجئة) وبيع التناجش وبيع العينة ( وهما بيعان منهي عنهما) إلخ من أنواع البيوع.
2. إن الزيادة في بيع المرابحة تمثل ربحاً، أما الزيادة في القرض فلا. ولا يمكن لعملية المرابحة أن تتم إلا لتمويل شراء سلعة أو بضاعة عينية أي أنها تصب في صالح ما يُسمى بتمويل الإقتصاد الحقيقي (Real Economy)، أما في عمليات القروض فتتم المتاجرة بالمال عن طريق الإقتراض والإقراض.
3. يذكر الدكتور الفانك أن (إطلاق اسم صكوك على السندات واسم عائد أو مرابحة على الفوائد لا يغير الواقع، وكما يقول الفقهاء في القانون أن المهم في العقود هو المعاني وليس المباني، المضمون وليس الشكل، الحقيقة وليس الألفاظ)، وهنا أقول إن ما يقوله فقهاء القانون صحيح تماماً ولكن الفقهاء يميزون بين عقد البيع وعقد القرض، فعقد المرابحة هو عقد بيع أما عقد القرض فيختلف تماماً عن عقد البيع، فالقرض (أي قرض) تنتقل ملكيته إلى المقترض وللمقترض حق التصرف فيه ومقابل ذلك فهو ضامن برد المثل، وتعريف القرض هذا متفق عليه في جميع القوانين وبدون استثناء كما هو الحال في القانون الفرنسي واللبناني والمصري والإماراتي والأردني، … إلخ، وأي عمليات أو عقود تنطبق عليها هذه الشروط ومهما سُميّت فهي قرض.
4.لا يوجد شيء اسمه تقاسم الأرباح في عمليات المرابحة ففي عمليات المرابحة يكون الربح من حق البائع، وهنا يخلط الدكتور فهد بين عمليات المرابحة وعمليات المشاركة والمضاربة وأي عمليات أخرى مماثلة لهما,إذ يتم اقتسام الربح في عمليات المشاركة والمضاربة وفي أي عمليات تقوم على تقاسم الأرباح.
5. تقوم صكوك التمويل الإسلامي على عمليات متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية فتقوم الصكوك على عمليات المرابحة أو المضاربة أو المشاركة أو الإستصناع أو الإجارة أو السَّلم أو على خليط من هذه الادوات، فالصكوك تعكس أي من هذه العمليات، وهنا تجدر العودة إلى المعاملات التي تقوم عليها الصكوك، فلا يجوز مناقشة الصكوك دون الرجوع إلى العمليات التي تمثلها، فالصكوك تمثل التصكيك Sukukization (التسنيد Securitization في المصطلح التقليدي لهذه العمليات) بما يتيح التداول في السوق الثانوي.
6. يعتقد الدكتور الفانك أن عنصر الزمن هو المهم حيث (لا يؤخذ بالإعتبار ما إذا كانت الشركة رابحة أم خاسرة)، وهنا أقول إن عنصر الزمن مهم أيضاً ولكن في عمليات البيع وليس القروض، فجوزَّ الفقهاء (البيع الآجل) أو (بيع النسيئة) مع إختلاف سعر البيع الآجل عن سعر البيع النقدي, واشترط الفقهاء في البيع النقدي أن يتم التقابض آنياً أي أن يتم الإستلام والتسليم(التقابض) آنياً ووفق مبدأ التسليم مقابل الدفع DVP.
7. إن تحديد هامش الربح في عمليات المرابحة إسترشاداً بأسعار الفوائد السائدة في السوق لا يبطل موافقة عمليات المرابحة لأحكام الشريعة الإسلامية فالعملية هي بيع وشراء وهي صحيحة ويؤخذ الربح مقطوعاً (Flat) وليس كما هو الحال في فوائد القروض.
8. سوف يتم إصدار هذه الصكوك (وأي صكوك) بموجب قانون صكوك التمويل الإسلامي رقم 30 لعام 2012 والتعليمات الصادرة بمقتضاه عن هيئة الأوراق المالية وقد تشرفت بعضوية اللجنة التي أعدّته وكانت برئاسة معالي وزير الأوقاف وعضوية وزير العدل نائب رئيس الوزراء والبنك المركزي وهيئة الأوراق المالية، وقد تضمن القانون موافقة هيئة الرقابة الشرعية المركزية وهيئات الرقابة لدى الجهات المصدرة وقد شدد القانون على ضرورة موافقة الصكوك لأحكام الشريعة الإسلامية كما وتضمن القانون ضرورة إستمرارية هذه الموافقة لأحكام الشريعة طيلة فترة حياة الصكوك ولحين إطفائها (أي أثناء تداولها في السوق الثانوي),ويمكن الرجوع إلى المادة 5 الفقرة ب من القانون.
9. يتيح قانون صكوك التمويل تداولها في السوق الثانوي في البورصة وخارجها OTC، كما ويتيح لغير المقيمين شراءها، الأمر الذي سوف يسهم في زيادة سيولة سوق الأوراق المالية, كما ويتيح منفذا استثماريا لكمية كبيرة من الأموال المعطلة هذا بالإضافة إلى الاستفادة من الإستثمار الأجنبي لا سيما وأن الصكوك كما وسبق وأن ذكرنا تمثل تمويلا لاقتصاد حقيقي، علماً بأن الأموال التي تُدار وفق أحكام الشريعة الإسلامية في العالم تقدر بحوالي تريليون ونصف التريليون دولار وهي في نمو متسارع وقد قدرّت إصدارات الصكوك القائمة قبل بضع سنوات بحوالي (110 مليار دولار)، فلماذا لا يكون لنا نصيب في إصدارات هذه الصكوك لا سيما وأن الأردن كان قد تنبه إلى أهمية إصدار الصكوك وكان أول دولة في العالم قد أصدر قانون (سندات المقارضة) المؤقت رقم 10 سنة (1981) والذي حل محله قانون صكوك التمويل الإسلامي الحالي ساري المفعول.
10. لا يمكن الادعاء بأن الإصدار الأول الحكومي للصكوك سيحل مشاكل التمويل كافة, وإنما نقول إنها البداية فقط, فالطريق طويل يحتاج منا إلى ترسيخ هذه الممارسة واكتساب الخبرات الكافية في هذا المجال لا سيما وإن إصدار الصكوك لا يقتصر على الحكومة وإنما يتعداه إلى شركات القطاع الخاص وهنا نستذكر المثل القائل: « أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي».