سوريا .. حسم سياسي أم عسكري؟
لم ينعقد مؤتمر جنيف بين النظام السوري والمقاومة المسلحة يوم الاثنين الماضي كما كان مقرراً ومن المأمول أن ينعقد يوم الجمعة القادم ، فالخلاف مستحكم حول تشكيل وفد أو وفود المعارضة ، والاتفاق على الموضوع الذي يبدأ بحثه.
لا توجد معارضة في سوريا قادرة على تشكيل وفد واحد ينطق باسمها ويقابل الوفد الرسمي ليصل معه إلى حلول سياسية ، فهناك عشرات المعارضات يزيد عداؤها لبعضها على عدائها للنظام ، ويخضع كل منها لتوجيهات وأوامر تأتي من الدول التي تمولها وتسلحها.
اللاعب الرئيسي وصاحب حق الفيتو على المسرح السوري اليوم هو روسيا ، نظراً لقوتها العسكرية على الأرض وتفاهمها الكامل مع النظام الرسمي ، وهي ترى من حقها أن تسمى أعضاء في وفد المعارضة.
الوفد الثاني المقترح هو ما تمخض عنه مؤتمر الرياض وتتبناه السعودية ، ويشمل عدداً من التنظيمات العاملة في سوريا.
أما الوفد الثالث فهو ما تقترحه أميركا التي تعتبر جميع التنظيمات المسلحة العاملة في سوريا معارضة معتدلة ومشروعة ، ولا تستثني سوى داعش والنصرة.
مبعوث الأمم المتحدة ديمستورا أخذ بهذا الرأي ، وقرر شمول الجميع بدون شروط مسبقة للمشاركة في المباحثات وليكن ما يكون.
المفروض أن لا تبدأ المباحثات في جنيف بل في سوريا والرياض واسطنبول لإيجاد حد أدنى من التفاهم بين التنظيمات المسلحة ، فما فائدة الذهاب إلى جنيف مختلفين ، ولماذا لا تتم مفاوضات مباشرة بين اللاعبين الرئيسيين وهم أميركا وروسيا وإيران والسعودية وتركيا التي تخوض في سوريا حرباً بالوكالة.
حتى لو تم لقاء من نوع ما في جنيف ، فلن يسفر عن شيء ، فالاطراف لا تثق ببعضها ، ولكنها أسيرة شعارات لا تقبل التنازل عنها ولن يلتقي الجانبان وجهاً لوجه فالتفاوض يقوم به ديمستورا بحركة مكوكية بين قاعتين منفصلتين ولمدة ستة أشهر تكون خلالها القضية قد حسمت على الأرض.
موضوع التفاوض ليس محسوماً ، فالبعض يريد أن تبدأ مناقشة الحل الانتقالي على الفور وبدون مشاركة الأسد ، الذي بدوره يرفض مجرد التفاوض مع الإرهابيين ، لكنه يقبل الاستماع إليهم ، فالحل السياسي في نظره يصبح ممكناً بعد القضاء على الإرهاب.
روسيا قلبت ميزان القوى رأساً على عقب ، فالجيش السوري الآن في حالة تقدم كاسح بغطاء روسي فعال. والتنظيمات الإرهابية تتخلى عن مواقعها لتنجـو بجلدها ، والقضية في طريقها لأن تحسم في الميدان وليس في جنيف.