0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

صراع التخلف

الصراع العربي – الإيراني – التركي يعكس تخلف البنى السياسية والاجتماعية في المنطقة ككل، فالأطراف الثلاثة يتصارعون على الموارد والتي مهما بلغت في قيمتها تبقى متواضعة لأن هذه الأطراف تعوزها القدرات الإنتاجية اللازمة لتصنع حالة متقدمة.
لو استحوذ الإيرانيون على مزيد من النفط، ولو تمكنت تركيا من تأمين الغاز الرخيص، ومهما زادت قدرة العرب على توريد هذه المواد، ففي النهاية فإن ذلك لن ينعكس بصورة مباشرة على مواطني هذه الدول، فالنفط يرتحل لآلاف الأميال قبل أن يدخل عملية الإنتاج في دول أخرى، تعود لتصدر منتجاتها وتستحوذ على الحصة الأكبر من العوائد الاقتصادية.
الصراع الحديث يجري على الأسواق، ولو تعاملت مختلف الأطراف في الشرق الأوسط مع بعضها البعض على أساس أنها أسواق محتملة، وأن منتجات كل طرف تمتلك ميزة نسبية تعتمد على تواضع تكلفة النقل قياسا بالمستوردات من مناطق بعيدة، فإن العائد سيكون أعلى وأكثر أهمية وديمومة من صورة الصراع الرديء القائمة حاليا.
كثيرة هي طاولات المفاوضات التي جمعت العرب والأتراك والإيرانيين، ولكن أيا منها لم يكن الاقتصاد هو موضوعه الرئيسي، نعم يجتمع رجال الأعمال، ولكن للبحث عن فرص لشركات معينة، دون أن يتمكنوا من الارتقاء لفكرة السوق المفتوحة في المنطقة، وهذه السوق وحدها يمكن أن تعطي لكل طرف ما يريده من الصراع، خاصة أن عوامل كثيرة تجمع الكتل السكانية في هذه المنطقة من العالم، منها المواصفات المناخية والأرضية الثقافية والذوق العام.
مشكلة الثقة تمثل التحدي الفعلي، فالعرب يعتقدون، أن الإيرانيين يخلطون بين تصدير أنماطهم الحياتية مع منتجاتهم، وكانت المشكلة العربية أقل مع الأتراك، وذلك لوجود تمهيد ثقافي استمر لعدة سنوات، ولكن مع تصاعد نبرة الأيديولوجيا أو النموذج التركي للإسلام في الخطاب الأردوغاني، بدأت هذه المكتسبات تتراجع وأدت إلى نوع من تأزم العلاقات، ولكن الأردوغانية ليست مطلقة اليدين في تركيا، فأردوغان هو الوجه أو الرأس، أيا يكن، ولكن الجسد الفعلي للتوجهات التركية تمثله حكومة أوغلو.
التهدئة على أساس لا غالب ولا مغلوب لن تصمد، وتسوية الملفات العالقة تفاوضيا، ومن ثم يمضي كل طرف ليعيش بمعزل عن الآخر ليس ممكنا، فالكتل السكانية تمتلك طموحات متعددة، ولديها متطلبات متزايدة، والتطلع سيكون دائما للمحيط الأقرب، ولذلك بقيت مثلا طموحات ايران في الخليج العربي قائمة على رغم التغير الجذري في شكل السلطة السياسية ومحتواها من الشاه إلى الخامنئي.
من يمتلك اليوم الجرأة على قفزة كبيرة وبعيدة، أي طرف يمكنه أن يقلب الطاولة؟
عمليا، لا توجد أي قوة مؤهلة لإحداث ذلك، بعض الدول تعتقد بأهمية هذه النوعية من التحركات، ومنها، في مكانة متقدمة بينها، الأردن، ولكن وتيرة الصراع نفسه وتحولاته، ووجود قوى ضاغطة في كل طرف من أجل استثمار الصراع من أجل مصالحها الخاصة، يجعل الدول التي تؤمن بإمكانية التعايش وضرورته تحمل صوتا خافتا، وتجعلها تضطر من وقت إلى الآخر إلى الانتقال من خانة التقريب والتنسيق إلى مواقف التهدئة والتسوية.
المهم، هو تجنب المواجهات المسلحة، فالمحصلة ستكون في النهاية العودة إلى نفس المربع الأول، ولكن مع وجود الكثير من الدماء التي أرهقت، وستصبح الموارد وقتها منصبة في لعبة إعادة الإعمار التي تحولت إلى الدجاجة الذهبية للاقتصاد الأمريكي