0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

من حقنا أن نحلم

الذين ولدوا في لبنان في يوم 13 نيسان عام 1975صاروا في سن الاربعين ، وهو عمر الحرب الاهلية التي لم ولن ينساها اللبنانيون ابدا ، لأنهم ما زالوا يعيشون تداعياتها ويعانون من اثارها الباقية حتى اليوم. حل نيسان اللبناني وقصر بعبدا بلا رئيس جمهورية ، وبيروت تعيش اجواء ازمة سياسية.
وعاد نيسان اللبناني وما زال امراء الطوائف وجنرالات الحرب في الواجهة السياسية ، نتيجة تكريس حالة من المحاصصة والتقاسم على قاعدة طائفية ، التهمت هيبة الدولة ، والغت دور المؤسسات ، وتجاوزت الميثاق الوطني. وجاء نيسان ليذّكراللبنانيين بمأساة المفقودين الذين خرجوا ولم يعودوا حتى الآن ، بعدما ابتلعهم بحر الدم الاهلي نتيجة القتل والذبح على الهوية ، والاغتيال ، وانتشار المقابر الجماعية.
نيسان اللبناني ما زال يحفر في المخيلة المعتمة ، وينبش في الذاكرة عن صورة قاتمة بشعة في تفاصيلها القاسية الطافحة بالفظائع ، بدأت باحراق باص ، وانتهت باحراق بلد وسقوط دولة وتفتيت مجتمع. في ذلك الوقت انقسم لبنان بين مؤيد للمقاومة الفلسطينية وبين معتدل رافض لانطلاق الكفاح المسلح من لبنان ، وعلى حسابه. وها هو نيسان يعود بعد اربعين عاما ليجد انقسام الساحة ما بين مؤيد لتيار المقاومة الوطنية اللبنانية وبين معتدل يعترض على وجود سلاح المقاومة ، رغم هويته اللبنانية ، وهو الانقسام الموشح باللون الطائفي المذهبي ، المغلف بنكهة عربية ودولية ايضا ، تماما كما حدث في نيسان قبل اربعين عاما.
نيسان اللبناني الذي يذكرنا بانقسام طائفي وفرز مذهبي ، قاد الى تفكيك الدولة اللبنانية وتخريب نسيج المجتمع اللبناني ، في ذلك الوقت ، الا انه فشل في تقسيم البلد ،لأن لبنان بطوائفه واحزابه وسياسييه ومفكريه وعلمه ونشيده ووجدانه ، غير قابل للقسمة ، رغم التوزيع الديمغرافي وتقاسم النفوذ بخطوط وفواصل واضحة ، لأن الشعب اللبناني ، وفي ظل ما يشبه المعجزة اللبنانية ، يجد الارضية للعيش المشترك ، حتى لو كان تحت مظلة التوتر الدائم.
حل وهل نيسان اللبناني بكل ما حمل من ذكريات محزنة صادمة ، يحمل صيغة «اللبننة» المشكلة بالاقتتال الطائفي. ولكن هذا النيسان يبدو صغيرا متواضعا جدا امام «الربيع العربي» الاعم الاشمل الافظع ، الذي فكك دولا وفتت مجتمعات ، وحرق بناره الطوافة اصابع عربية ودولية كثيرة وعديدة , عبر حروب صغيرة وكبيرة متناثرة ، اشعلها العالقون في الماضي ، بهدف خلق صراع جديد وعدو بديل ، واخراج قضايانا القومية من الذاكرة ، تحت عناوين وشعارات طائفية وعرقية وقبلية. هذا الصراع المصطنع اعاد الامة الى الوراء ، في اتجاه معاكس لدورة عقارب الزمن ، اوقف التقدم والتطور وحركة التاريخ ، حتى خرجنا منه.
ولكن رغم امتداد هذا المشهد المعتم الذي يطل على صحراء واسعة تصل الى حافة جفاف المخيلة وانكسار الروح ، لا بد من نهوض الامة من كبوتها ، لأن الامة العربية صاحبة رسالة خالدة وحضارة عميقة ، وصاحبة مشروع نهضوي قومي وانساني ، اصبح الحديث عنه في نظر اليائسين اقرب الى الفكاهة الساخرة ، اواشبه بالوعد الرومانسي ، او الحلم في ليلة صيف.
الحقيقة ان العاصفة التي ضربت الاقطار العربية ، او الزلزال الذي هز الامة ، هو عبارة عن صخرة كبيرة سقطت من علو في بحر العرب الساكن ، من اجل نهوض عربي جديد وصحوة قومية كبرى. وبهذه المناسبة اقول لكل اليائسين ، او الخبثاء ، من حقنا ان نحلم.. وسنقف على حافة الحلم لنقاتل من اجل مستقبلنا العربي الافضل.