0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

هـل تتبنى «الجماعة» هذا المشـروع؟

أدعو حزب جبهة العمل الاسلامي الى تبني فكرة تأسيس تحالف وطني لمواجهة “التطرف” تشارك فيه كل القوى المدنية التي تقف ضد هذه الظاهرة، مهما كانت الوان هذا التطرف وعناوينه واهدافه،كما ادعو المسؤولين في بلدنا الى فتح كل القنوات لتمكين هذا التحالف من العمل والحركة بعيداً عن الحسابات السياسة التي أصبحت تختزل “القيام بالواجب” بالثمن السياسي المطلوب.

ما يدفعني الى اشهار هذه الدعوة ثلاثة اسباب،الأول تصاعد “الطلب” على التطرف وانتشار “جراثيمه” وسط اجيالنا الشابة وارتفاع صوت المتعاطفين مع بعض “التنظيمات” المتطرفة،لا اتحدث هنا عن التطرف الديني فقط وانما عن اشكال اخرى من التطرف الاجتماعي والسياسي والفكري،وعن محاولات الاقصاء والحذف والاخراج من الملّة الوطنية والملّة الدينية،او التكفير السياسي والآخر الديني،السبب الثاني: الاتهامات التي توّجه لجماعة الاخوان المسلمين حول “موقفها” الغامض من التطرف،ومع ان هذه الاتهامات مبالغ فيها وتحتاج الى دليل،الاّ ان النهوض بمثل هذه الفكرة من شأنه ان يرد على مثل هذه “المزاعم” ناهيك عن انه يمكّن الجماعة من تقديم اوراقها “للمجتمع” وللدولة كجزء من هذه الحملة،وبالتالي فإنها ستبعث برسالة قوية تدحض كل الاتهامات التي توجه اليها،ثالثاً:ان اي جهد رسمي في هذا المجال لا يكفي الاّ اذا لم يسانده المجتمع،بمؤسساته المختلفة،واعتقد ان الجماعة بما تمتلكه من انتشار ومصداقيه،وبما لديها من خبره في الحقل الديني والسياسي مؤهلة للقيام بهذا الدور.

اتفهم –بالطبع- الردود التي يمكن ان نسمعها من “الاخوان” حول هذه الدعوة،مثل عدم مشاركتهم في العمل السياسي،او حرمانهم من منابر الوعظ والخطابة او محاولات التضييق التي يتعرضون لها،أو –حتى- موقفهم من التحالف الدولي ضد “الدولة الاسلامية”،لكن هذه المبررات تبدو غير كافية وغير مقنعة،اولاً:لان الاخوان انفسهم هم اول المتضررين من تصاعد “حدّة” التطرف وهم من ضحاياه ايضاً،وثانياً لان الدفاع عن سلامة المجتمع فريضة دينية وواجب وطني،ولا يجوز للاخوان ان يعتذروا عن القيام بهما،ثالثاً لان ثمة دعوات سمعناها تحاول ان تضع “الاسلاميين” كلهم،المتطرفين والمعتدلين في سلّة واحدة،وربما يساهم “حياد” الاخوان،في تكريس مثل هذا الانطباع،رابعاً: لأن غياب الاخوان،او تغييبهم،كان احد الاسباب التي ساهمت في صعود هذه “الظاهرة”،ذلك ان الفراغ الذي تركوه ملأه غيرهم من أصحاب الفكر المتطرف،خامساً:لأن قيام الاخوان بمثل هذه “المهمة” سيدفع،ربما،الى تلطيف المناخات بينهم وبين الدولة وسيمهد الى توافقات ومصالحات سياسية يمكن ان تساعدنا في دفع عجلة الاصلاح الى الامام.

أٌعرف ان لدى “الاخوان” ملاحظات سياسية على استخدام مفهوم التطرف وتوظيفاته،واعرف –ايضاً- أن لدى الطرف الرسمي هواجس مختلفة حول قيام الجماعة بهذا الدور،لكن هذا لا يمنع من “التوافق” على شراكة بين الرسمي ومؤسسات المجتمع المدني –ومن ضمنها الحركة- لصياغة استراتيجية وطنية لمواجهة التطرف- تمهيداً لانشاء تحالف ضده،وربما تشكل حالة “الرفض” والادانة المشتركة لممارسات “الدولة الاسلامية” في العراق وسوريا مناسبة لاتمام هذه الشراكة وانجاح هذا التحالف.

في موازاة التحالف الدولي الذي  يتشكل اليوم  للتدخل العسكري ضد “ تنظيم الدولة الاسلامية” وما يدور من شكوك حول أهدافه وحظوظه من النجاح،لابدّ ان نفكر بإنشاء تحالف وطني يتصدى لظاهرة التطرف في بلادنا ، اولاً: لأن الحلول الامنية والعسكرية لا تكفي وربما تساهم احياناً في ردود عكسية،وثانياً لأن ما نخشاه ليس امتداد الخطر من خارج الحدود او من “التنظيم” الذي تمدد في جوارنا،وانما من مشروع التطرف وافكاره التي تتنامى داخل مجتمعنا،وثالثاً لأن تحصيين مجتمعنا وتطهير حواضننا الاجتماعية هو الاولى والاجدى لمواجهة هذه الظاهرة…ولا يمكن أن نحقق ذلك الاّ اذا تجاوزنا خلافاتنا حول ما مضى  من اجندات،وتوحدنا اما خطر داهم يهدد سلامة مجتمعنا وصورة ديننا  ومقاصده ايضاً.