تراجع الاتحاد الأوروبي فشل وحدة أوروبا
خصوم الوحدة العربية كانوا يقولون إن (صفر + صفر = صفر)، أما أنصارها فكانوا يؤكدون إن (واحد + واحد) يساوي أكثر من اثنين، وفي جميع الحالات كان الإتحاد الأوروبي هو القدوة، فإذا كانت الشعوب الاوروبية التي تتكلم لغات مختلفة، وقامت بينها حروب طاحنة، تستطيع أن تتوحد اقتصادياً ومالياً ثم سياسياً، فلماذا لا تستطيع الدول العربية ذلك بالرغم من وحدة اللغة والتاريخ والجغرافيا والمصالح.
تجربة الاتحاد الأوروبي لم تنجح حتى الآن بالقدر الذي كان مأمولاً، والعملة الموحدة (اليورو) أصبحت عائقاً يلغي قدرة الحكومات على التحرك في مجال السياسة النقدية، والتأثير على حجم السيولة، بالزيادة أو النقصان. وهناك أوضاع مختلفة بين قبرص واليونان من جهة وبين ألمانيا وفرنسا من جهة أخرى، فكيف يمكن لسياسة اقتصادية أو نقدية موحدة أن تخدم ظروفاً مختلفة، يستدعي كل منها إجراء يختلف عما تستدعيه ظروف أخرى وربما يتناقض معها.
تشير التقديرات المتداولة إلى أن اقتصاد الاتحاد الأوروبي سيتراجع في المتوسط خلال سنة 2013 بنسبة 5ر0%. بل إن اقتصاد أقوى أعضاء الاتحاد وهو ألمانيا سينمو بنسبة 7ر0% فقط هذه السنة.
في الوقت ذاته ينخفض الإنتاج الصناعي في الاتحاد الأوروبي بنسبة 1ر3%، ويرتفع معدل التضخم بنسبة 7ر1%، وتصل نسبة البطالة إلى 12%، وتحقق الموازنة العامة للاتحاد الأوروبي ككل عجزاً بنسبة 8ر2% من الناتج المحلي الإجمالي.
هذه هي الصورة الإجمالية الكئيبة للاتحاد الاوروبي مأخوذا معاً، أي أنها تقدم متوسطات حسابية تخفي التفاوت الواسع، ذلك أن بعض دول الاتحاد تعاني من ظروف وتحديات اقتصادية أسوأ بكثير مما تكشفه المتوسطات الحسابية وخاصة قبرص واليونان وإيرلندا وإسبانيا وإيطاليا.
القوة المحورية في الاتحاد الأوروبي هي ألمانيا، ولكن الشعب الألماني لم يعد مستعدأً لتحمل أعباء وأخطاء وانحرافات الحكومات غير المنضبطة.
سوء الاوضاع الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي يعود أساساً لسوء إدارة بعض حكومات الدول الأعضاء الذي وصل إلى حد التلاعب بالأرقام لإخفاء الانحرافات والتجاوزات. كما أن الازمة العالمية التي انفجرت في أميركا قبل خمس سنوات تركت آثاراً ما زال بعضها مستمراً حتى اليوم، أي أن إمكانيات النجاح كانت واردة وممكنة، وإذا فشلت الآن فإن لديها القدرة عل تصحيح أوضاعها ومواصلة التقدم