عاجل

الأسرى الإسرائيليون في غزة: لماذا يظل انتشال جثثهم مستحيلاً رغم الهدنة؟

بعد مرور أكثر من 3 أسابيع على دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ، لا تزال فرق الإنقاذ والدفاع المدني تبحث عن جثامين المفقودين تحت الركام، ومنهم الأسرى الإسرائيليون الذين قتلتهم طوال عامي الحرب غارات الاحتلال.

وتتحجج حكومة الاحتلال بتأخير تسليم رفات الأسرى الإسرائيليين أو بتسليم جثث لا تعود لهم، وفق ما ينص عليه الاتفاق بحسب خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لخرق وقف إطلاق النار بغارات غالبا ما تقتل وتصيب عشرات الفلسطينيين، أو لمنع دخول شاحنات المساعدات.

وأكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مرات عدة التزامها بتسليم جثامين الأسرى الإسرائيليين وإغلاق هذا الملف، لكن التحديات اللوجيستية وواقع القطاع بعد الحرب يعد عائقا أمام انتشال الجثث والتعرف عليها وتسليمها لإسرائيل.

وأعادت حماس حتى الآن جثث 17 من أصل 28 جثة للمحتجزين الإسرائيليين. ولا تزال جثث 10 إسرائيليين احتجزوا خلال هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 موجودة في قطاع غزة، بالإضافة إلى جثة جندي قُتل خلال الحرب في عام 2014.

ما حجم الدمار؟
يعد السبب الأكثر وضوحا وراء تعثر عمليات انتشال جثث الأسرى الإسرائيليين هو حجم الدمار غير المسبوق الذي خلفته حرب الإبادة الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وبحسب تقرير الأمم المتحدة الإنمائي، الذي صدر الشهر الماضي، تُقدّر كمية الأنقاض في غزة بأكثر من 61 مليون طن، بعد تدمير آلاف الأبنية والمنازل والبنى التحتية المدنية.

وأكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن آلاف الجثامين لا تزال تحت الركام في قطاع غزة، ومنها ما يعود للأسرى الإسرائيليين، الذين حذرت حماس من مقتلهم طوال سنتي الحرب جراء غارات الاحتلال المتواصلة.

ويضطر الدفاع المدني وسط هذا الكم الهائل من الدمار إلى البحث ببطء عن الجثامين جراء حاجته لحفر أنفاق في طبقات من الركام، في عملية قد تستغرق ساعات، للبحث عن الجثث.

ما تأثير نقص المعدات؟
لكن الصعوبة في البحث عن الجثث لا تتعلق بالاضطرار للحفر في طبقات الركام فحسب، بل أيضا في النقص الحاد في الآليات الثقيلة والوقود اللازم لتشغيلها، في ظل عدم التزام الاحتلال بدخول الآليات اللازمة أو شاحنات المساعدات والبضائع المنصوص عليه وفق الاتفاق، وهو 600 شاحنة يوميا.

كما دمرت نيران الاحتلال أغلب الجرافات والحفارات، وخرج ما بقي من الخدمة نتيجة نقص الصيانة والقطع الميكانيكية، ولم تغطِ المعدات التي سمحت إسرائيل بدخولها منذ بدء وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي الحاجات الميدانية.

أما على مستوى الكوادر، فقد استشهد وجرح مئات من عناصر فرق الإنقاذ أثناء الحرب، مما قلّص القدرات البشرية المطلوبة لإدارة عمليات دقيقة ومعقدة مثل انتشال جثث من تحت طبقات عميقة من الركام.

ما تأثير الذخائر؟
وفضلا عن الركام وغياب المعدات، تضطر فرق الدفاع المدني للعمل في بيئة مليئة بالذخائر غير المنفجرة.

وأشارت بيانات للأمم المتحدة وتقديرات ميدانية من منظمات الإغاثة إلى أن كمية الذخائر غير المنفجرة في قطاع غزة تتجاوز 7 آلاف طن، وذلك ما يجعل أي محاولة لرفع الأنقاض أو الحفر تحت المباني المدمرة محفوفة بالمخاطر.

ورجحت مصادر نقلت عنها صحف إسرائيلية أن عددا من جثث المحتجزين مدفونة في مناطق غير آمنة تحتاج إلى مسح هندسي قبل دخول فرق الإنقاذ إليها، أو إلى إزالة الذخائر حتى لا تنفجر أثناء البحث.

كيف يؤثر غياب فحص الـ”دي إن إيه”؟
كما يمثل غياب قدرات تحليل الحمض النووي (DNA) أحد أبرز العوائق أمام تحديد هوية الرفات في غزة، سواء كانت لشهداء فلسطينيين أو لأسرى إسرائيليين.

فلا تتوافر في القطاع مختبرات متخصصة قادرة على إجراء فحوص دقيقة للعينات البشرية، كما أن إسرائيل لا تسمح بإدخال المواد اللازمة لهذه الاختبارات.

وبذلك، يتحول نقص البنية المخبرية إلى عامل حاسم في بطء عملية تسليم جثث الأسرى الإسرائيليين، إذ يمكن تسليم رفات ليتضح لاحقا أنها لا تعود لمحتجزين.

ما العوامل الميدانية الأخرى؟
كذلك، فإن تقسيم قطاع غزة حاليا وفق المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي يجعل من الصعب على حركة حماس وفرق الإنقاذ البحث على جثث الأسرى في بعد ما يعرف بـ”اسم الخط الأصفر”، حيث لا تزال قوات الاحتلال موجودة، رغم أن إسرائيل سمحت لبعض الفرق بالدخول إلى ما بعد الخط للبحث عن الرفات.

كما أعلنت حركة حماس أنها لا تعرف أماكن دفن جميع الأسرى الإسرائيليين، لأن بعض المسؤولين عن تلك المعلومات استشهدوا خلال الحرب.

ما دور الوسطاء؟
ورفضت إسرائيل دخول فريق إغاثي تركي كان من المتوقع أن يشارك بالبحث عن رفات الأسرى الإسرائيليين. لكنها سمحت بدخول آليات ومعدات مصرية للمشاركة بالبحث عن الجثث.

وتطالب الولايات المتحدة بسرعة تسليم جثث الأسرى الإسرائيليين، إذ تربط إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها بقية جثث المحتجزين.