العقبة الصناعية الدولية والقويرة الصناعية… ركيزتان استثماريتان لنهضة الصناعة الأردنية
وكالة الناس- مأمون الخوالدة– في ظل الحراك الاقتصادي والاستثماري المتنامي الذي يعكس الرؤية الملكية السامية في تعزيز التنمية المستدامة وجذب الاستثمارات النوعية إلى مختلف المحافظات، برزت مدينتا العقبة الصناعية الدولية والقويرة الصناعية كمشروعين وطنيين استراتيجيين يجسدان توجه الأردن نحو اقتصاد إنتاجي قادر على المنافسة إقليميًا وعالميًا.
وتُعد مدينة العقبة الصناعية الدولية من أبرز قصص النجاح في مسيرة الصناعة الأردنية الحديثة، إذ أنشئت عام 2003 ضمن سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وتدار من قبل شركة PBI Aqaba، وتمتد على مساحة تقارب 1700 دونم.
وتضم المدينة عشرات الاستثمارات الصناعية في مجالات متنوعة مثل الصناعات الغذائية والألبسة والطاقة المتجددة والكيماويات والمواد الإنشائية، فيما تجاوز حجم الاستثمارات فيها حاجز المليار دولار أمريكي، وأسهمت في توفير أكثر من ستة آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة لأبناء المجتمع المحلي.
وتتمتع المدينة بموقع استراتيجي على مقربة من ميناء العقبة ومطار الملك حسين الدولي، مما يجعلها بوابة مثالية للصادرات الأردنية إلى الأسواق الإقليمية والعالمية، وقد زُودت ببنية تحتية متكاملة تشمل شبكات مياه وكهرباء وطرق واتصالات حديثة، إضافة إلى مناطق خدمية ولوجستية مجهزة بأحدث التقنيات.
وتوفر المدينة للمستثمرين بيئة أعمال محفزة تجمع بين المرونة الإدارية وسرعة الإجراءات، فضلًا عن الإعفاءات الضريبية والجمركية، إذ يُعفى المستثمرون من ضريبة الدخل على الأنشطة الصناعية بنسبة 100% لمدة عشر سنوات، إلى جانب تسهيلات واسعة في استيراد المواد الخام والمعدات دون رسوم جمركية.
وأكد الرئيس التنفيذي لشركة تطوير العقبة حسين الصفدي في تصريح لـ«[وكالة الناس]» أن المدينة تمثل نموذجًا ناجحًا للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتسهم في جذب الاستثمارات الصناعية الأجنبية وتوطين التكنولوجيا الحديثة داخل المملكة، مشيرًا إلى استمرار العمل على تطوير مرافق جديدة وتعزيز تنافسية العقبة كمركز صناعي إقليمي.
واليوم تستقبل شركة بي بي آي العقبة، المطور لمدينتي العقبة والقويرة الصناعيتين، برئاسة الرئيس التنفيذي أديل يي يان، وفدًا استثماريًا تايوانيًا–صينيًا يضم خبراء في الصناعات التكنولوجية المتقدمة (Hi-Tech)، لبحث فرص إقامة مشاريع صناعية نوعية في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة.
وتأكد يي يان أن هذه الزيارة تمثل خطوة مهمة في جذب الصناعات عالية التقنية إلى الأردن، لِما تحمله من قيمة مضافة في نقل المعرفة وتوفير فرص عمل نوعية وتعزيز القدرة التنافسية للصناعة الوطنية.
وشهدت الزيارة اجتماعات رفيعة المستوى في وزارة الاستثمار وسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وشركة تطوير العقبة، ضمن إطار الشراكة الثلاثية الداعمة لمشروع القويرة الصناعية.
والعين الاخرى الشقيقة لمدينة العقبة الصناعية فان مدينة القويرة الصناعية تمثل الامتداد الطبيعي للتوسع الصناعي في العقبة، وخطوة محورية نحو تعزيز التوازن التنموي بين مناطق الجنوب.
وتمتد المدينة على مساحة تقارب ألفي دونم في لواء القويرة، وتعد أول مدينة صناعية في الأردن مزودة بالغاز الطبيعي، ما يمنحها ميزة تنافسية في خفض تكاليف الإنتاج وتشغيل المصانع بكفاءة عالية.
وتستهدف المدينة الصناعات القائمة على الموارد المحلية كالزجاج والسيراميك ورمال السيليكا والإلكترونيات، فيما رُصدت استثمارات مبدئية تقدر بنحو مليار دولار لتنفيذ المشروع على مراحل، مع توقعات بتوفير ما يزيد عن 6500 فرصة عمل خلال مراحل التشغيل.
وقال رئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة شادي رمزي المجالي إن مشروع القويرة الصناعية يجسد توجه الأردن نحو اقتصاد إنتاجي يعتمد على الصناعات المتقدمة والطاقة النظيفة، مؤكدًا أن هذه المشاريع تمثل خطوة أساسية في دعم تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي 2033.
وتستند المدينتان الصناعيتان إلى بيئة تشريعية مرنة تُسهِّل تأسيس الأعمال وتتيح للمستثمرين ملكية كاملة للمشاريع، إلى جانب استفادتها من اتفاقيات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول العربية، بما يتيح للمنتجات الوصول إلى أكثر من مليار مستهلك حول العالم دون قيود جمركية.
ويرى خبراء الاقتصاد أن مدينتي العقبة الصناعية والقويرة الصناعية باتتا اليوم محورًا رئيسيًا في مسيرة التحول الاقتصادي الأردني نحو التصنيع والتصدير، مستفيدتين من الموقع الجغرافي الاستراتيجي للجنوب الأردني الذي يربط ثلاث قارات، والبنية التحتية المتطورة، وسياسات التحفيز الجاذبة للاستثمار.
ومع تسارع تنفيذ المشاريع التطويرية في المدينتين، يتعزز دور العقبة والقويرة كمركزين واعدين لصناعة المستقبل، حيث تتكامل الجهود الرسمية والخاصة لخلق بيئة استثمارية قائمة على الكفاءة والشفافية والاستدامة.
ومن بوابة الجنوب، تتقدم الصناعة الأردنية بثقة نحو المستقبل، رافعة شعارها الأصيل: صُنع في الأردن.



