عاجل

أكبر 5 دول عربية ديونا بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي

وكالة الناس – أوضح معهد التمويل الدولي (IIF) أن الدَّيْن العالمي بلغ مستوى قياسيًا قدره 337.7 تريليون دولار بنهاية الربع الثاني من عام 2025، بزيادة تجاوزت 21 تريليون دولار في نصف عام فقط، فيما أظهر التقرير تبايناً لافتاً في مستويات المديونية بين الدول، لتتصدر أكبر الدول العربية ديونا قائمة الاقتصادات الأكثر تأثرا بعبء الدين العام مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي.

وفي العالم العربي، اتجهت عدة دول نحو الاعتماد المتزايد على الاقتراض لمواجهة تحديات اقتصادية وهيكلية، مما رفع نسب الدين العام إلى الناتج المحلي لمستويات تاريخية.

ووفقا لتقرير صندوق النقد الدولي – أبريل 2025، جاءت خمس دول عربية في مقدمة قائمة الدول الأعلى مديونية، وهي السودان ولبنان والبحرين والأردن ومصر.

* السودان.. ديون تفوق الناتج المحلي بثلاثة أضعاف

يحتل السودان المرتبة الأولى عربيا والثانية عالميا بنسبة 272% من الناتج المحلي الإجمالي، في مؤشر على أزمة مالية مركبة تفاقمت بفعل الصراعات الداخلية والعقوبات الاقتصادية وسوء الإدارة الحكومية.

ومنذ انفصال جنوب السودان عام 2011، خسر السودان نحو 75% من إنتاج النفط ونصف الإيرادات الحكومية، ما أجبره على اللجوء المكثف إلى الاقتراض.

وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن تراجع قيمة الجنيه السوداني وارتفاع فوائد الديون زادا من كلفة خدمة الدين بشكل غير مسبوق، ما جعل البلاد عالقة في دوامة مالية صعبة.

* لبنان.. المديونية عنوان الانهيار

ويأتي لبنان في المرتبة الثانية بنسبة 164.1% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لصندوق النقد الدولي.

ويُعد لبنان أحد أكثر الاقتصادات تأثرا بالأزمات المالية والسياسية المتراكمة. فسنوات من الفساد وسوء الإدارة وتجميد الإصلاحات دفعت البلاد إلى شفا الإفلاس، فيما لا تزال خطط التعافي الاقتصادي تراوح مكانها.

ورغم التوصل إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد عام 2022، لم يُترجم هذا الاتفاق إلى إصلاح فعلي بسبب الانقسام السياسي وضعف الإرادة الحكومية، مما زاد من هشاشة الوضع المالي والاجتماعي في البلاد.

* البحرين.. ارتفاع المديونية رغم الدعم الخليجي

تحتل البحرين المركز الثالث عربيًا بنسبة 134% من الناتج المحلي الإجمالي.

ورغم أن المملكة استفادت خلال السنوات الماضية من حزم دعم خليجية لتعزيز احتياطياتها النقدية والحفاظ على استقرار العملة، إلا أن اعتمادها الكبير على القطاع النفطي وتقلّب الأسعار العالمية جعلاها تواجه عجزا ماليا مزمنا.

ويرى محللون أن استمرار برامج الإنفاق الحكومي دون تنويع اقتصادي كاف يجعل الدين العام البحريني في مسار تصاعدي ما لم تُنفذ إصلاحات مالية أعمق.

* الأردن.. ضغوط اقتصادية وهيكلية متزايدة

في المرتبة الرابعة تأتي الأردن بنسبة 95.9% من الناتج المحلي الإجمالي.

ويواجه الاقتصاد الأردني تحديات متشابكة، أبرزها ارتفاع كلفة الطاقة، وتراجع المساعدات، وتداعيات استضافة اللاجئين.

ويشير ريان بول، كبير محللي شؤون الشرق الأوسط في شركة Rane Network، إلى أن الأردن “أصبح يعتمد بدرجة كبيرة على المساعدات الخارجية، خصوصا الأمريكية والخليجية، التي غالبا ما تكون مرتبطة بأهداف سياسية واستراتيجية تشمل قضايا حقوق الإنسان والعلاقات الإقليمية”.

* مصر.. خفض الدين من 100% إلى 85% وطموحات لمرحلة استدامة مالية

تأتي مصر في المرتبة الخامسة عربيا بنسبة 90.9% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية عام 2024، إلا أن أحدث التقديرات منتصف عام 2025 تشير إلى انخفاض النسبة إلى نحو 85%، وفقا لبيانات وزارة المالية حول موازنة 2025/2026.

ويعد هذا التراجع ملحوظا مقارنة بمستويات الدين السابقة التي تجاوزت حاجز 100% من الناتج المحلي في عامي 2020 و2021، ما يعكس تحسنا تدريجيا في قدرة الدولة على إدارة الدين العام وإعادة هيكلته.

ويرجع هذا الانخفاض إلى استراتيجية حكومية متكاملة تعتمد على ثلاث ركائز رئيسية:

إعادة هيكلة الديون طويلة الأجل لتقليل كلفة خدمة الدين وخفض الاعتماد على الاقتراض قصير الأجل.

تحسين الإيرادات العامة عبر توسيع القاعدة الضريبية وتعزيز التحصيل الإلكتروني والرقابة على الإنفاق.

زيادة مساهمة القطاع الخاص في تمويل المشروعات القومية من خلال برنامج الطروحات والشراكات الاستثمارية.

كما أطلقت الحكومة مبادرة لخفض الدين إلى أقل من 80% من الناتج المحلي خلال ثلاث سنوات، مع التزام واضح بـ تحقيق فائض أولي مستدام وتعزيز الاحتياطي النقدي لمواجهة التقلبات الخارجية.

ويرى محللون أن هذه السياسة تعكس تحولا في فلسفة الإدارة المالية المصرية من التركيز على الاقتراض إلى تعظيم الإنتاج المحلي وجذب الاستثمارات الأجنبية، خصوصا في قطاعات الطاقة، والصناعات التحويلية، والبنية التحتية.

ومع ذلك، يشدد الخبراء على أن استمرار هذا التراجع يتطلب انضباطا ماليا طويل الأمد وتحقيق معدلات نمو مرتفعة تتجاوز 5% سنويا، لضمان الحفاظ على دين آمن ومستدام.

هل الاقتراض نظام مكسور؟

ويتساءل خبراء عما إذا كان نظام الاقتراض الدولي في حد ذاته مكسورا.

ويرى ديفيد باخ، رئيس كلية IMD لإدارة الأعمال في لوزان، أن المشكلة “ليست في الديون، بل في كيفية استثمارها”.

ويشير إلى أن دولا آسيوية مثل كوريا الجنوبية وتايلاند وفيتنام كانت في أوضاع مشابهة، لكنها نجحت في التحول عبر إدارة فعالة للمساعدات.

لكن تقارير أوكسفام تكشف أن 94% من الدول المقترضة من البنك الدولي وصندوق النقد خفّضت إنفاقها على التعليم والصحة خلال العامين الأخيرين، ما يثير تساؤلات حول عدالة شروط القروض وجدواها التنموية.

ترتيب أعلى الدول العربية مديونية بنهاية 2024

ووفقا لتقرير صندوق النقد الدولي – أبريل 2025، فإن ترتيب الدول العربية من حيث نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي هو كما يلي:

السودان – 272%
لبنان – 164.1%
البحرين – 134%
الأردن – 95.9%
مصر – 90.9%

الحاجة إلى تمويل لا تلغي السيادة

وتؤكد أزمة الديون في العالم العربي على توازن هش بين الحاجة إلى التمويل الخارجي والحفاظ على السيادة الاقتصادية.

وبينما تظل القروض والمساعدات ضرورة لبعض الدول، فإن استمرار الاعتماد عليها دون إصلاحات هيكلية يجعل الاقتصادات العربية عالقة في دائرة مفرغة من العجز والتبعية.

ويرى الخبراء أن الطريق إلى التعافي يبدأ من داخل هذه الدول نفسها، عبر إصلاحات شجاعة وإدارة رشيدة للموارد، تضع أسس تنمية مستدامة ومستقلة القرار.

عن مصر