عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

مقترح المنطقة المنزوعة السلاح في جنوب سوريا.. تهديد لأمن الأردن واستقراره

بقلم: عدنان البدارين

أثار مقترح إسرائيلي كشف عنه عبر خريطة نشرها معهد دراسة الحرب (ISW) أمس الأول الاربعاء جدلاً واسعاً بعدما أظهر خطة لإنشاء منطقة منزوعة السلاح واسعة في جنوب سوريا مع توسيع المنطقة العازلة تحت إشراف الأمم المتحدة (UNDOF) بعمق كيلومترين داخل الأراضي السورية وإقامة منطقة حظر طيران جنوب دمشق وفرض قيود عسكرية تمتد من درعا والسويداء حتى أطراف العاصمة.

يأتي هذا المقترح كبديل لاتفاقية الفصل لعام 1974 وفي ظل واقع جديد فرضه سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024 وما تبعه من تدخلات عسكرية إسرائيلية في الجنوب السوري.

جوهر الخطة يعكس مسعى لتثبيت “حزام أمني” على حساب السيادة السورية، مع تداعيات مباشرة على الأردن، بوصفه خط التماس الجنوبي الأكثر حساسية.

من منظور أردني لا يمثل المقترح مجرد ترتيبات حدودية بل تهديداً مباشراً يفتح الباب أمام فراغات عسكرية قد تستغلها جماعات مسلحة أو شبكات تهريب وقد ارتفعت عمليات التهريب عبر الحدود الشمالية بنسبة 40% خلال 2025، ومع فرض قيود إسرائيلية في الجنوب السوري، يخشى أن تتحول هذه التدفقات نحو الأردن.

كما أن إقامة منطقة حظر طيران جنوب دمشق تمنح إسرائيل مرونة أكبر في عملياتها الجوية ضد خصومها الإقليميين لكنها في الوقت ذاته تعرض الأردن لاحتمال التصعيد غير المباشر مثل أحداث السويداء في يوليو 2025 التي قتل فيها أكثر من 250 شخصاً وتخللتها تدخلات إسرائيلية بذريعة “حماية الدروز” وأظهرت كيف يمكن أن تتحول الحدود الأردنية إلى ساحة متقدمة لصراعات إقليمية معقدة.

الأردن الذي يستضيف أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري يخشى أن يؤدي المقترح إلى تعطيل عودة النازحين وإلى موجات نزوح جديدة خصوصاً مع تقارير تتحدث عن تهجير قسري لسكان جنوبي سوريا بفعل الوجود العسكري الإسرائيلي وهذه التطورات ستضاعف الضغط على موارد المملكة التي تتحمل أصلاً كلفة إنسانية واقتصادية تقدر بـ2.5 مليار دولار سنوياً.

إلى جانب ذلك قد تعرقل القيود الجديدة مرور المساعدات الإنسانية عبر الجنوب السوري مما يضع الأردن أمام مسؤوليات إضافية يصعب على اقتصاده استيعابها.

دبلوماسياً يجد الأردن نفسه أمام معادلة دقيقة حيث ان رفض المقترح ينسجم مع موقفه الداعم لسيادة سوريا لكنه قد يضعف علاقاته مع واشنطن بينما القبول به يعني التنازل عن ثوابت طالما أكدها الأردن في مواقفه الرسمية.

هذا المأزق يتفاقم مع سعي عمان للعب دور الوسيط في مبادرات مشتركة مع دمشق وواشنطن لإعادة الاستقرار إلى الجنوب السوري، وهو دور قد يقوّضه أي فرض أحادي إسرائيلي للوقائع.

المخرج لا يمكن أن يقوم على ترتيبات أحادية تفرض واقعاً قسرياً في الجنوب السوري بل على مسار دولي متوازن ينطلق من مجلس الأمن يضمن احترام السيادة السورية الكاملة ويلزم إسرائيل بإنهاء أي وجود داخل الأراضي السورية والانسحاب من المناطق المحتلة، وان الأردن الذي يتأثر مباشرة بما يجري على حدوده الشمالية معني بأن يكون شريكاً أساسياً في صياغة أي ترتيبات مستقبلية على أن تترافق هذه الجهود مع آليات رقابة دولية تحمي المدنيين وتمنع انزلاق المنطقة إلى مواجهات جديدة.

في النهاية.. الخطة الإسرائيلية المقترحة ليست مجرد ترتيبات أمنية عابرة بل مشروع خطير لتقسيم النفوذ وفرض واقع استيطاني جديد بالقوة على حساب سوريا بما يحوله إلى شكل من أشكال “الاحتلال المقنّع” وهي محاولة لإعادة هندسة الجغرافيا السياسية في الجنوب السوري بطريقة تهدد بتقويض السيادة السورية وتجعل من الحدود الأردنية خط مواجهة مفتوح دائم التوتر.

بالنسبة للأردن.. فإن هذا المشروع لا يمثل فقط خطراً على التوازنات الإقليمية، بل يضع المملكة أمام تحد مباشر لأمنها القومي واستقرارها الداخلي. ولهذا، فإن الرد الأردني المطلوب يجب أن يكون حازماً، عبر دبلوماسية نشطة ترفض تكريس أي وجود إسرائيلي داخل الأراضي السورية وتدعو إلى انسحاب كامل من الأراضي المحتلة لتفادي أن يتحول الجنوب السوري إلى خاصرة رخوة تستغل كمنصة لابتزاز المنطقة وزعزعة أمنها.