الأردن بحاجة لـ 8 آلاف وظيفة في الأمن السيبراني خلال 5 سنوات
وكالة الناس -نظمت جمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات “إنتاج”، جلسة حوارية موسعة مع رئيس المجلس الوطني للأمن السيبراني، أحمد الحياصات، تحت عنوان: “الأمن السيبراني في الأردن: مستجدات المشهد وتوجهات المستقبل”.
وقال الحياصات، خلال الجلسة، إن الأردن بحاجة لتوفير قرابة 8 آلاف وظيفة جديدة في مجال الأمن السيبراني خلال السنوات الخمس المقبلة، في ظل تنامي الطلب الإقليمي والعالمي على الخبرات المؤهلة في هذا المجال.
وشدد الحياصات على أهمية تطوير البرامج الأكاديمية في مجال الأمن السيبراني، وتوفير شهادات اختصاص معترف بها دوليا، مشيرا إلى أن الحصول على شهادات مهنية متقدمة لا يتطلب السفر إلى الخارج، بل يمكن تنفيذه من داخل الأردن بالتعاون مع مؤسسات دولية.
وأضاف أن هناك دراسات قامت بها شركات عالمية تؤكد اتساع الفجوة العالمية في الكوادر المؤهلة للأمن السيبراني، مما يضع الأردن أمام فرصة حقيقية لتهيئة شبابها وشاباتها ليكونوا جزءا من هذا السوق العالمي المتنامي.
وأشار الحياصات إلى أن بعض التقديرات تشير إلى حاجة العالم العربي إلى ما لا يقل عن 100 ألف وظيفة في الأمن السيبراني خلال الفترة ذاتها، وقد تصل إلى 400 ألف وظيفة وفقا لبعض الدراسات.
وأكد أن المركز الوطني للأمن السيبراني سيضطلع خلال العامين المقبلين بدور محوري يتمثل في تقديم خدمات الحماية والمراقبة والمتابعة للمؤسسات الحكومية كافة، كما سيقوم بمتابعة القطاع السيبراني في المملكة بشكل شمولي.
وأوضح أن للمركز الوطني دورين رئيسيين؛ الأول تنفيذي يتمثل في توفير خدمات الأمن السيبراني للجهات الرسمية، والثاني تنظيمي يتعلق بترخيص الشركات، وتسجيلها، والتأكد من كفاءة العاملين فيها، خاصة أن أي شركة تقدم خدمات في هذا المجال يجب أن تضمن جاهزيتها الفنية والتقنية، وأن تفي بالتزاماتها تجاه الجهات التي تعمل معها، كالمستشفيات، والفنادق، والمؤسسات المالية، وغيرها.
وأشار إلى أن المسودة الجديدة لقانون الأمن السيبراني تتضمن مقترحا يتيح للمركز الوطني الاستعانة بشركات القطاع الخاص المتخصصة في حالات الكوارث والطوارئ، ضمن آلية تعاقدية منظمة تضمن الجاهزية السريعة وتعويض هذه الشركات مقابل الخدمات المقدمة.
وأوضح الحياصات أن الأردن يتقدم بشكل ملحوظ ضمن مؤشري الأمن السيبراني العالميين، وهما مؤشر الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) ومؤشر الـPCI، مؤكدا أن العمل المستمر والدؤوب هو السبيل للحفاظ على هذا التقدم.
وقال: “نحن لا نعمل من أجل التصنيفات، بل من أجل بناء منظومة وطنية متقدمة ومتماسكة، لكنها بطبيعة الحال ستنعكس إيجابا على ترتيب الأردن”.
ولفت الحياصات إلى أن المجلس الوطني يعمل باستمرار على تعزيز جاهزية المملكة في مراحل التعامل كافة مع الهجمات السيبرانية، بدءا من الوقاية قبل حدوث الحادث، مرورا بالاستجابة أثناء الأزمة، وانتهاء بالتعافي بعدها، مؤكدا أهمية الفرق القطاعية التي سيتم إنشاؤها في عدد من القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم والطاقة، والتي تشكل خط الدفاع الثاني ضمن المنظومة الوطنية.
وأكد ضرورة دمج مفاهيم التحول الرقمي والأمن السيبراني ضمن المنهاج الجامعي لجميع التخصصات، ولو من خلال مادة اختيارية كمتطلب جامعي، بالتعاون مع هيئة الاعتماد الأكاديمي، لتعزيز وعي الطلبة مبكرا وإعداد جيل مؤهل لمتطلبات السوق الرقمي.
وأوضح الحياصات أن المجلس الوطني للأمن السيبراني يعمل تحت رؤية واضحة تقوم على تحقيق فضاء رقمي آمن وموثوق، يحمي المصالح الوطنية، ويعزز استدامة الاقتصاد، ويدعم التحول الرقمي في المملكة.
وقال: “نعمل على تطوير منظومة الأمن السيبراني ضمن هذا الإطار الشامل الذي يجمع بين حماية المصالح الوطنية، ودعم الاقتصاد، والتحول الرقمي”.
وأشار الحياصات إلى أن الأردن كان من أوائل الدول في المنطقة التي وضعت إطارا تشريعيا للأمن السيبراني، متفوقا على دول أخرى سبقت المملكة في تشريعاتها بسنوات، لافتا إلى أن القانون يخضع الآن لمراجعة شاملة تهدف إلى تطويره وتوسيع نطاقه.
وأوضح أن من أبرز المحاور التي يجري العمل على مراجعتها في القانون الحالي توحيد التعاريف القانونية بين مختلف التشريعات ذات العلاقة، مثل قانون حماية البيانات الشخصية، وتعزيز الحاكمية بين المجلس الوطني والمركز الوطني للأمن السيبراني، إلى جانب تمكين المركز من إنشاء شركات تقدم خدمات الأمن السيبراني بالشراكة مع القطاع الخاص، على غرار ما يطبقه البنك المركزي الأردني في مجالات مشابهة.
وفي هذا السياق، أشار إلى أن المجلس تلقى ملاحظات من مختلف الجهات وسيجري دراستها بعناية، مع إمكانية إجراء جولة استشارية ثانية مع ديوان الرأي والتشريع، والمجالس التشريعية (النواب والأعيان)، مؤكدا أن هناك متسعا من الوقت قبل دخول التعديلات المقترحة مراحلها الدستورية المتوقعة في شهري تشرين الأول أو تشرين الثاني.
وأوضح الحياصات أن نظام ترخيص شركات الأمن السيبراني والعاملين فيها، الصادر في تشرين الأول 2024، أعطى مهلة لمدة عام للتسجيل، ويجري الآن إعداد مجموعة من التعليمات التنفيذية اللازمة لتنظيم تطبيق النظام، مؤكدا أن المجلس يتريث في إصدار التعليمات لضمان شموليتها ومراعاتها لأفضل الممارسات العالمية.
وبيّن أن المرحلة المقبلة ستشهد إطلاق منصة إلكترونية لتسجيل الشركات والعاملين في مجال الأمن السيبراني، مما سيسهم في بناء قاعدة بيانات واضحة ومحدثة تشمل الشركات المرخصة، نشاطاتها، وهويات العاملين فيها، بما يعزز الحوكمة والشفافية في هذا القطاع الحيوي.
وأكد رئيس المجلس أن المجلس الوطني يعمل على إنشاء منظومة ثلاثية للدفاع السيبراني تقوم على: حماية كل مؤسسة لنفسها، وتشكيل فرق استجابة قطاعية، إضافة إلى دور المركز الوطني كمظلة قيادية تشرف على التنسيق بين مختلف الجهات.
وأشار إلى أن هناك نماذج ناجحة بالفعل، أبرزها القطاع المصرفي الذي يمتلك فريقا قطاعيا متطورا للاستجابة للحوادث السيبرانية، مرتبطا بشكل مباشر بمركز العمليات في المركز الوطني للأمن السيبراني.
وأضاف “نسعى لتكرار هذا النموذج في قطاعات حيوية أخرى مثل الصحة، التعليم، الطاقة، الطيران، والصناعة”.
ولفت إلى أن هناك استعدادات متقدمة في بعض القطاعات، مثل وزارة الصحة التي أبدت جاهزيتها للمضي قدما في تشكيل فريقها القطاعي، كما يجري التحضير لطرح عطاء خاص بهذا الموضوع، وسيشمل ذلك مستشفيات القطاع الخاص التي ستكون ملزمة ببناء قدراتها الدفاعية، خصوصًا في ظل الحوادث التي طالت أحد المستشفيات الخاصة قبل نحو عام، وكانت لها تداعيات كبيرة.
وأشار الحياصات إلى ضرورة تمكين المركز الوطني للأمن السيبراني من المساهمة في تأسيس أو دعم شركات متخصصة بتقديم خدمات أمن سيبراني، لافتًا إلى أن هذه الخطوة لا تتقاطع مع عمل القطاع الخاص، بل تعزز منظومة الحماية الوطنية وتدعم سوق العمل في مجال الأمن السيبراني.
وقال إن هذا التوجه مستند إلى نماذج ناجحة موجودة في الأردن، مثل مساهمات البنك المركزي في مؤسسات مالية، أو مساهمات منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، والحكومة نفسها في بعض الشركات الخدمية.
وأكد الحياصات أن الأردن يشهد ولادة حقيقية لمنظومة أمن سيبراني حديثة، تقوم على تعزيز الحماية القطاعية، وتحديث الأطر التشريعية، وتمكين الجهات الحكومية والخاصة من التصدي لأي تهديدات رقمية قد تمس الأمن الوطني أو تعيق التحول الرقمي في المملكة.
وقال إن المجلس الوطني للأمن السيبراني سيواصل العمل بشراكة مع القطاعين العام والخاص، ومع المؤسسات التشريعية، ومع المجتمع الأكاديمي، لضمان بناء بيئة رقمية آمنة، تواكب تطورات العصر، وتدعم النمو الاقتصادي والاستقرار المجتمعي في الأردن.
من جانبه قال رئيس هيئة المديرين في جمعية “إنتاج”، عيد الصويص إن الأمن السيبراني يشكل ركيزة أساسية في حماية الاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن هذا القطاع يفرض تحديات متزايدة تتطلب تكاتف الجهود بين القطاعين العام والخاص.
وقال صويص، إن الشركات الأعضاء في إنتاج تعمل ضمن مجالات متقدمة تشهد تطورات متسارعة، مشددا على أهمية الاطلاع على آخر المستجدات الصادرة عن المجلس والمركز الوطني للأمن السيبراني.