عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

مرحلة عصيبة تمر بها منطقة الشرق العربي

كتب . كريستين حنا نصر 

مرحلة عصيبة تمر بها منطقة الشرق العربي، وبشكل خاص المنطقة المعروفة منذ القدم باسم بلاد الشام، ونبدأ من سوريا والسلطة الجديدة المؤقتة والميليشيات المنفصلة، والتي تنشق عن وزارة الدفاع السورية، الى جانب الصراع الطائفي الذي مرت به مدينة السويداء ، والذي نتج عنه قتل واعدامات للمكون الدرزي، الى جانب الصراع مع العشائر العربية في مدينة السويداء أيضاً، وبعد تهدئة الامور بدأنا نلاحظ نقل المكون العشائري الى ريف دمشق ، حيث يتم التمهيد لخلق ادارة ذاتية في المناطق الدرزية وانشاء إقليم الجنوب ، والذي يوازي مبدأ سوريا الديمقراطية، بمعنى أقاليم ادارة ذاتية بنظام لا مركزي ، وطبعاً هذا ليس معناه وجود أي تقسيم لسوريا ، ولكن ضمن مبدأ الاقاليم الادارية الذاتية المتصلة مع المركز ، أي نظام لا مركزي إداري للمحافظات حتى تتمكن من تسيير الأمور فيها ، ويتضح اليوم أيضاً أن التعقيدات تتزايد خاصة ما يتعلق منها بالصراعات العرقية والطائفية ، والتي يجب أن يُسيطر عليها في هذه المرحلة ، ولكن بشكل يحافظ على وحدة سوريا الجغرافية ووحدتها الاجتماعية والسياسية ، والتي هي حتى الآن لم تتشكل ويُسيطر عليها كاملاً خاصة من الناحية الأمنية.
وبالطبع أريد أن أذهب في تحليلي ومتابعتي إلى لبنان المجاورة لسوريا ، حيث هناك أقاويل عن إنضمام بعض المناطق اللبنانية على سبيل المثال طرابلس لسوريا، وهنا ندخل مرحلة ما يُسمى ( الشرق الأوسط الجديد) وتغيير بعض الخرائط في المنطقة وهنا يبدو أن الوضع يدخل حالة صراع بين سوريا والحكومة الجديدة وحزب الله في لبنان ، حيث من الواضح التوتر خاصة أن سوريا الجديدة لا تريد أي نفوذ ايراني أو نفوذ لاتباع ووكلاء ايران أي حزب الله صاحب الاكثرية الشيعية ، الى جانب الصراع السني الشيعي القديم الجديد ، ولهذا السبب توجد بعض الاشاعات حول دخول الشرع الى لبنان ، وربما يعني ذلك بدء صراع جديد بينهم وبين حزب الله .
و أريد هنا التوقف لسرد المشكلة الحالية في الشرق العربي ، والتي تنخر في سيادة دول المنطقة مثل لبنان ، واليمن والعراق ، إذ لا يمكن أن تمتلك الدولة أي سيادة في ظل تواجد الميليشيات أو جيش خارج إطار الدولة ، وأعتقد أنه لم ولن يتشكل أي شرق أوسط جديد مُشرق دون الحفاظ على هذه الدول وسيادتها ، وبالأخص قضية الجيش واستقلاليته ومسألة بسط الأمن على هذه الدول ، والتي عانت الكثير ومن بينها لبنان ، الذي كان حزب الله فيه هو من يقرر ويتخذ قرار الحرب أو السلم بدلاً عن الدولة اللبنانية ، الأمر الذي أدى الى إضعاف الدولة وقرارها السيادي في لبنان .
وفيما يخص العراق فهناك وجود لنفوذ أذرع ايران فيه ، وعلى سبيل المثال قضية الطائرات المسيرة التي ضربت الرادار العراقي قبل مدة ، وكذلك التحركات لفصائل مستقلة والغير مضبوطة من الدولة كل ذلك دليل ، وهنا الوضع نفسه نراه في العراق وبصورة تشبه لبنان ، حيث لا سيادة للدولة دون التخلص من أي ميليشيات خارج إطار الجيش وقوات أمن الدولة ، والمنطقة تُعاني على مدار مدة طويلة من موضوع السيادة الكاملة للدولة مثل لبنان والعراق واليمن وسوريا وبشكل خاص خلال وقت نظام بشار الأسد البائد والتحالف مع ايران ونفوذها في سوريا وميليشياتها ، والذي هو الآن يتقلص مع وجود سلطة أحمد الشرع وحكومته المؤقتة للمرحلة الانتقالية، وهذه المرحلة التي تسعى الى لملمة فوضى الحرب التي دامت لاكثر من 14 سنة، ولكنها للأسف مستمرة حتى الآن ، والسعي اليوم نحو إنشاء دولة سورية جديدة تتحقق فيها المساواة لكامل مكوناتها المختلفة ومن عدة أعراق وقوميات ، الى جانب السعي كذلك تجاه إعطاء الجميع حقوقهم في وطن واحد موحد آمن، والذي للأسف مزقته الحرب لمدة طويلة .
وبالطبع الصراع الاسرائيلي مع حركة حماس في غزة أيضاً ، هو الآخر موضوع يؤثر على سلامة منطقة الشرق العربي وآمنه واستقراره ، وللأسف سقوط الضحايا من طرفي الصراع يتزايد ، وبشكل خاص من الشعب في غزة ، والذي عانى وما زال يعاني الكثير من الجوع والحصار، وحتى الآن لم يتمكن الطرفين أي حركة حماس واسرائيل من التوصل إلى أي حل يضمن وقف اطلاق النار وخفض التصعيد ، والشعب في غزة يدفع ثمن هذا الصراع ، المسألة هُنا أن لا حل أو استقرار في الشرق الأوسط دون حل للصراع الفلسطيني الاسرائيلي ، والذي هو الأساس للسلام والاستقرار في الشرق العربي بالكامل، ومن هذا المنطلق تأتي جهود دولية مختلفة وبعدة أفكار مختلفة لحل القضية الفلسطينية، ومنها الجهد الاردني الدؤوب والمتضمن الدعوة لتبني دولي لحل الدولتين، وهذا الطرح واحد من الحلول المقترحة لحل هذه القضية ، وفي هذا السياق تستضيف الأمم المتحدة المؤتمر الدولي رفيع المستوى للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتطبيق حل الدولتين والمنعقدة أعماله في نيويورك، وبرئاسة كل من فرنسا والسعودية .
والشرق الاوسط الجديد الآن دخل مرحلة التشكيل وبداية التغيير ، حيث أن أساسه هو أولاً العمل على بسط سيادة الدول والتخلص من الميليشيات الخارجة عن الدولة ، ثم كما نرى الآن تمر سوريا على ما يبدو في مرحلة تشكيل نظام أقاليم مثل اقليم الشمال السوري ، والان أيضاً يبدو أننا أمام تشكيل اقليم الجنوب السوري أي تشكيل نظام ادارة ذاتية ، بمعنى نظام لا مركزي يتبع المركز أي العاصمة الشام، وطبعاً هذا الرأي يأتي في اطار متابعتي الدقيقة للموضوع وما يتصل به من التطورات المتسارعة خاصة في سوريا ، وهنا وفيما يخص سوريا أود القاء الضوء على النموذج الناجح للادارة الذاتية في منطقة نفوذ مجلس سوريا الديمقراطية ، والتي نجحت في انشاء نظام ادارة محلية أي نظام لا مركزي في الشمال السوري ، والذي يضم معظم مكونات منطقة الجزيرة من أكراد وعشائر عربية وسريان وغيرهم من مكونات مختلفة في منطقة الجزيرة المتواجده في الشمال السوري.
ان العراق أيضاً يمر الآن في مرحلة يمكن تسميتها بكسر العظم، ومحاولة الدولة بسط سيادتها والتخلص من أي ميليشيات خارج اطار الدولة ، فهل وفي هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها المنطقة تتمكن الدول التي ذكرتها من النجاح في بسط سيادة الدولة وجيشها بدون وجود أي ميليشيات أو مسلحين خارج نفوذ الدولة ، وعندما تنجح هذه المرحلة فإنه فقط يمكننا القول : أن الدول العربية قد بدأت عملياً تدخل مرحلة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ، والذي سمته هي بسط سلطة الدولة وفرضها سيادتها وبناء الدولة ديمقراطياً ، والأهم هو دخولها حالة بسط للأمن ، وذلك بهدف التمهيد لبدء مرحلة بناء المجتمع والاقتصاد واحلال السلام ، والدخول في مرحلة اصلاحات سياسية واقتصادية ومجتمعية شاملة، والأهم الاهتمام والتركيز على التعليم المجتمعي، من أجل نبذ التطرف والكراهية والقضاء على أي ملامح أو مؤشرات تدل على وجود مبدأ الطائفية والعرقية ، لتتمكن كامل مكونات المجتمع وفي أي دولة في مشرقنا العربي من أن يحترم فيها الفرد الآخر المختلف عنه في الوطن الواحد ، ليبنوا معاً يداً بيد أوطانهم متحدين بولاء وطني ، وليس ولاء ديني طائفي لا حساب فيه لمصلحة الوطن والمواطن .