عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

الحِلمُ سيدُ الأخلاق

وكالة الناس- كتب مأمون الخوالدة 

 

منذ القدم، سعى الإنسان إلى التحلي بمكارم الأخلاق، فكانت سجايا كالصبر، والكرم، والوفاء، والتواضع، من أبرز معايير التفاضل بين الناس. إلا أن خُلُقًا واحدًا ظل متربعًا على عرش هذه الفضائل، هو “الحِلم”، حتى قيل فيه: “الحِلمُ سيدُ الأخلاق.”

الحِلم ليس مجرد صفة عابرة، بل هو مَلَكة راسخة تدفع الإنسان إلى ضبط نفسه عند الغضب، والتحكم في ردود أفعاله، ومقابلة الإساءة بالعفو، والتسرع بالحكمة. الحليم لا يُستفز بسهولة، ولا يُغريه الانتقام، لأنه يدرك أن القوة الحقيقية ليست في الرد بعنف، بل في الترفع عن النزاع، والسعي إلى الإصلاح.

وللحِلم مكانة عظيمة في الثقافة الإسلامية والعربية، فقد مدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم صفة الحِلم في كثير من الأحاديث، ووصف بها نفسه، وقال: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.” ومن المكارم الكبرى: الحلم. كما قال الإمام الشافعي رحمه الله:
*”يُخاطِبُني السفيهُ بكلِّ قُبحٍ، فأكرهُ أن أكونَ لهُ مجيبَا
يزيدُ سفاهةً، فأزيدُ حلمًا، كعودٍ زادهُ الإحراقُ طيبَا.

فمن يتحلى بالحِلم يمتلك قوة روحية تعكس نضجًا داخليًا، وتفوقًا على الغريزة اللحظية للغضب والانتقام. كما أن الحليم يكسب القلوب، ويُصلح ما أفسده التهور، ويزرع في النفوس احترامًا لا تقدر عليه القوة المادية.

وفي زمننا الحاضر، تزداد الحاجة إلى هذا الخلق النبيل، في ظل تفشي العنف اللفظي، وتسارع الانفعال، خاصة في بيئات التواصل الرقمي. فالحليم وحده يستطيع أن يشيع جوًا من السكينة، ويكون قدوة في تهذيب النفوس.

الحِلم ليس ضعفًا، بل هو قمة القوة الأخلاقية والعقلية. إنه خلق الأنبياء والعظماء، وسبب في صلاح النفوس والمجتمعات. ومن أراد أن يسمو بأخلاقه، فليجعل الحِلم تاجًا لها، لأنه بحقٍّ سيدُ الأخلاق.