0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

موقع أثري في الزرقاء تاريخه يعود لأكثر من 10 آلاف سنة قبل الميلاد

 وكالة الناس -قال عضو المجلس الوطني الإسباني للبحوث العلمية والمحاضر في جامعة سالامانكا بإسبانيا، الخبير الآثاري خوان رامون مونيث، إن موقع خريسان الأثري بمحافظة الزرقاء يعود تاريخه لنحو 10 آلاف سنة قبل الميلاد، ويمثل مجتمعات سكانية لأوائل الرعاة والمزارعين في الأردن.

وفي محاضرة بعنوان “خريسان: مستوطنة لأوائل الرعاة والمزارعين في الأردن” ألقاها مساء أمس الأحد في المركز الثقافي الإسباني بعمان (ثيربانتيس)، بحضور السفير الإسباني في الأردن ميغيل دي لوكاس، قال مونيث، إن موقع خريسان الذي يعود تاريخه للعصر الحجري قبل الفخاري يغطي ما مساحته نحو 30 هكتارا (تقريبا 300 دونم).

وبيّن في المحاضرة التي حضرها السفير الفنزويلي في الأردن “عمر فيالما أوسونا”، أن الموقع الذي اكتشف عام 1984 هو مستوطنة كبيرة على سفح تل يربط رواق جبل المطوق والضفة اليمنى من نهر الزرقاء، ويضم عدة مناطق، إذ قسمت البعثة الآثارية المكان إلى عدة مناطق لغايات البحث والتنقيب، مشيرا إلى أن المناطق السفلى منه اكتشفت فيها آثار تعود إلى 10 آلاف سنة قبل الميلاد، فيما كشفت الآثار الموجودة أعلى الجبل أنها تعود إلى نحو 6 آلاف سنة.

وقال إن التنقيبات كشفت عن قبور وآثار كثيرة تعود لما يُطلق عليه “الدولمن” أو “المناضد الصخرية”، وهي غرف للدفن احتوت بعض النماذج منها على غرف حفرت تحت مستوى الأرض وخصصت لدفن الموتى، حيث كانت تدفن مع الميت أغراضه الخاصة.

وأشار مونيث إلى أن البعثة الآثارية الإسبانية وجدت في موقع خريسان عام 1989 منازل تعود للعصر الحجري الفخاري، ومن أبرز اللقى الأثرية المكتشفة هي المنازل، إذ كان السكان الذين تحولوا من معيشة الرحل إلى الاستقرار يعتمدون آنذاك على جمع الطعام وتربية حيوانات كانت تعيش معهم خلال فترات العصرين الحجري القديم والمتوسط.
ولفت إلى أن انتشار الأمراض دفع أولئك السكان إلى عزل الحيوانات بعيدًا عن مساكنهم، وعمدوا إلى عدم دفن الأموات من أقربائهم في مساكنهم كما كان سائدًا في فترات سابقة، كما تعلموا أن يتوسعوا وينتشروا.

وأوضح أن بعثة التنقيب تجمع كل المعلومات عن النشاطات البشرية في تلك الفترة الزمنية، ومنها موقع المسكن وكيفية بنائه وأين كانوا يجمعون الحبوب ويضعونها، وماذا كانوا يأكلون.

وبيّن، بمصاحبة عرض تقديمي، أن أولئك السكان كانوا يبنون مساكنهم في سفوح المغارات بشكل “معطف” في سفح التل أو الجبل، لافتًا إلى أن أرضيات بعض تلك المساكن كانت جيرية، بينما كانت أخرى مزخرفة، كما كانوا يقومون بتعديل هيكل المسكن.

وأوضح أن مكان تخزين الحبوب، مثلًا، كان يختلف عن مكان إشعال النار والطهي والطعام، وعن مكان المعيشة، وكان له منافذ واسعة لدخول الأكسجين وخروج الدخان المتصاعد من النار.

وقال إن شكل المنزل ومساحته كانا يعتمدان على عدد المقيمين في هذه القرية (المستوطنة)، مشيرًا إلى أن بعض هذه المساكن في الفترة الزمنية (10 إلى 8 آلاف سنة قبل الميلاد) بلغت مساحتها نحو 250 مترًا مربعًا.

وتحدث الخبير الآثاري الإسباني عن أماكن الدفن واكتشاف عظام وُضعت في صناديق خشبية دُفنت بجدران المساكن بهدف الإبقاء على تواصل مع الأموات.

كما تحدث عن مساكن بُنيت في موقع خريسان في مرحلة العصر الحجري الحديث (7 آلاف سنة قبل الميلاد)، إذ اكتُشفت أفنية خارجية وداخلية لها، ووجدت رسومات تُصنَّف فنًا تجريديًا وأخرى لأوراق أشجار، وكانت تلك المساكن شبه مدفونة في سفح الجبل، مستغلين انحداره وقربه من المياه التي كانت تبعد نحو 50 مترا.

ولفت إلى أن تلك المنطقة كانت خصبة وغزيرة الأمطار، علاوة على قربها من نهر الزرقاء، مبينا أن أبناء مجتمعات خريسان في تلك الحقبة الزمنية مارسوا الزراعة، وخصوصا البقوليات، وكانوا يطحنون الحبوب ويعجنونها، وذلك ما دلّت عليه اللقى المكتشفة من أدوات للطحن والعجن.

وبيّن أنه من خلال دراسة بقايا أسنان حيوانات اكتُشفت عظامها في الموقع، تبيّن أنها كانت حيوانات مدجنة من خلال تحليل ومعرفة طريقة القضم، لافتًا إلى اكتشاف لقى من حجارة “السبج” التي توجد في الأناضول، وكانت تُستخدم لرؤوس السهام والرماح ولصناعة السكاكين، ما يدل على أن لهم علاقات تجارية مع حضارات الأناضول ومنها كبادوكيا في تلك الحقبة الزمنية.

وأشار مونيث إلى أن من بين اللقى المكتشفة في الموقع تماثيل لأشكال تشبه الإنسان والحيوان وتعود للحقبة ما قبل الفخارية، مؤكدا أنها لم تكن للعبادة، بل هي أعمال فنية، ما يكشف عن اهتمام المجتمعات السكانية في خريسان آنذاك بالفن والزخرفة.

ولفت إلى اكتشاف لقى من السيراميك وجدت في مسكن يعود إلى العصر الحجري الحديث الفخاري، مستعرضًا صورًا للقى من القطع المنحوتة والمزخرفة تشبه شكل الصدفة التي كانت تُستخدم كحلي.

وفي الجزء الثاني من المحاضرة، قدم الآثاري الإسباني “خيسيوس تابيا” في فناء المركز عرضًا للطرق التي كانت تستخدمها الحضارات والمستوطنات السكانية القديمة في إشعال النار، مرجحًا أن المجتمعات السكانية والقرى في موقع خريسان لجأت إلى طريقة الاحتكاك التي تُستخدم بها الأعواد الخشبية والأعشاب الجافة أو القش لإشعال النار.

بترا