نادية إبراهيم نوري تكتب : مواء القطة الحزين
نادية إبراهيم نوري
استيقظتُ مبكرًا على مواء قطة حزين، فخرجت مسرعة لأجد قطة شيرازي بيضاء جميلة بعيون زرقاء أسرت قلبي. كان واضحًا جدًا من نظافتها أنها قطة منزلية وأنها تعاني من الجوع والعطش. أسرعتُ بإحضار الطعام والماء لها، ولكنني وجدتها لا تُقدِم على أي نوع من الطعام وتختار نوعًا معينًا. أدركتُ تمامًا أنها تربت في بيت اهتم بها وأحسن رعايتها. ظننتُ لوهلة أنها قد تكون فقدت طريق عودتها إلى صاحبتها. أبلغتُ البواب والجيران أن من فقد قطته يمكنه أن يجدها عندي ليأتي ويستعيدها. كنت أظن أن صاحبتها تتعذب الآن لفقدانها. كانت المفاجأة أن القطة تعود لفتاة عشرينية تسكن في العمارة التي في آخر شارعنا، وأن صاحبتها هي من رمتها في الشارع بعد أن سئمت منها!
عندما سألتها لماذا لم تعرضها للبيع ربما تجد من يرغب فيها أو حتى تهديها لأحد معارفها، أجابتني بكل فتور: “لن أتعب نفسي أكثر. كنت أحب القطط وأخذتها صغيرة وديعة تنام معي في سريري واهتم بها، لكنها كبرت وضجرت منها وسوف أربي عصافير أجمل ورعايتها أسهل.” استغربتُ من منطقها وعبثها بأرواح مخلوقات بريئة لا تستطيع أن تعبر عن نفسها. ما ذنب هذه القطة بعد أن تعودت على صاحبتها سبعة أشهر، تعودت على بيت معين وطعام معين ونظام معين؟ كيف ستواجه الحياة؟ من الطبيعي أنها لن تستطيع أن تتكيف مع قطط الشوارع ولن تستطيع تناول طعام إلا ما تعودت عليه وسوف تأخذ وقتًا حتى تتكيف مع بيت جديد وأناس جدد.
كذلك، لدي جارة تربي كلابًا واتفقت مع موظفة تأتي كل صباح لرعايتهم وإطعامهم، ثم تذهب وباقي اليوم تعاني الكلاب من الوحدة وتقلبات الجو من أمطار أو حرارة شديدة أو ربما جوع لأنهم يتناولون وجبة غذائية مرة واحدة. الأغرب أن جارتي لا تأتي إلى شقتها إلا أيامًا معدودة في الشهر، وباقي أيام السنة تقضيها في مكان آخر. إذن، لماذا تقتني هذه الكلاب؟ هل كي تحرس شقتها في غيابها؟ لا أدري لأنني لم أسألها، وإنما أعاني بصمت وأنا أرى تلك المخلوقات تعاني. لذلك أقدم دعوتي لكل من يهوى تربية الحيوانات أن يراجع نفسه. إن كان قادرًا على رعايتها والاهتمام بها حق الاهتمام فلا ضير، وإن كانت مجرد رغبة وقتية أو تقليد لشخص آخر، فأنصحه بعدم ظلم تلك المخلوقات التي لا تملك التعبير عن نفسها.