عمليات مقاومة الاحتلال فردية الطابع
الأستاذ الدكتور رشيد عبّاس
هجوم القدس / حي نيفي يعقوب (النبي يعقوب) الاستيطاني والذي استهدف كنيساً أثناء صلاة بدء السبت اليهودي كان الأكثر تكتيكاً مقارنة بالعمليات السابقة, وكان بمثابة درس مكتمل الأركان للإسرائيليين, وعلى الكيان الإسرائيلي أن يأخذ حيثيات هذا الدرس بنتائجه الكلية بكل موضوعية وكل جديّة للعمل على تغيير سياساته القمعية تجاه الفلسطينيين.
اليوم على ألإسرائيليين أن يدركوا تماماً أن هناك جيل فلسطيني جديد في الداخل قفز عن ما يسمى بـ(التنسيق الأمني) بين ألإسرائيليين ومنظمة فتح من جهة, و(الهدنة) بين ألإسرائيليين وحركة حماس من جهة اخرى, والمتتبع لهذا الجيل الجديد يجد أنه ينتمي لمدرسة جديدة اسمها العمل الفردي, ومن هنا يجب أن يعيد ألإسرائيليين النظر في طبيعة سياستهم الداخلية مع الشعب الفلسطيني في الداخل.
جيل العمل الفردي الذي تموضع من جديد على الأرض الفلسطينية اليوم, هذا الجيل لا يؤمن باي شكل من الاشكال بشيء اسمه المفاوضات المنقوصة, ولا يؤمن بالطاولة المستديرة, ولا حتى بالكراسي الدوّارة, وأكثر من ذلك لا يؤمن بالإدانة ولا الشجب ولا حتى الاستنكار الذي ارتوت منه الأمة, هو يؤمن فقط أن له حق مشروع على أرضه المغتصبة, ويؤمن أيضاً أن هناك مراوغة إسرائيلية على مدار عدة عقود من الزمن دون أية جدوى تذكر.
جيل العمل الفردي القادم أدرك أن العقل الإسرائيلي لا يؤمن بحل الدولتين, ولا يؤمن بالسلام العادل, وغير مؤهل هذا العقل إطلاقاً للعيش والتعايش المشترك مع الشعب الفلسطيني.
نعم, جيل العمل الفردي يؤمن أن الحقوق تُنتزع ولا تُمنح, وأن التنسيق الأمني والهدنة مع الكيان الصهيوني ما هي إلا مضيعة للوقت وتأجيل غير مبرر لمنح الحقوق لأصحابها.. لقد أختزل هذا الجيل ما لا يزيد عن الـ(70) عاماً بدرس تمثل في هجوم القدس / حي نيفي يعقوب (النبي يعقوب) الاستيطاني ليعطي إشارة مكتملة الأركان للصهاينة تفيد أن الجلد الفلسطيني لا يحكه إلا الظفر الفلسطيني, وعندما تشكو لأحد شيء تشعر به ولا يفهمك ولا يستطيع مُساعدتك, أو فهم شعورك, فتأكد أن مقولة (ما حك جلدك مثل ظفرك) حقيقة ثابتة.
على رئيس الوزراء الإسرائيلي اليوم أن يدرك تماماً أن الكرة باتت في مرماه, وأن الملاجئ التي كانت تحمي شعبه من الصواريخ القادمة من الجنوب والشمال, لم تعد ناجعة مع تكتيكات جيل العمل الفردي في مقاومة المحتل, وأن صافرات الإنذار ليس لها أية فائدة مع الطريقة الجديدة في المقاومة الفردية, وأكثر من كل ذلك هو عدم وجود جهة أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي اليوم للتفاوض مع أصحاب هذه الطريقة.. كيف لا وأصعب ما يمكن على الكيانات المحتلة هو أنها كيف تتعامل مع العمل الفردي في حالة مقاومة ذلك الاحتلال.
العمل الفردي في مقاومة الاحتلال درس مكتمل الأركان للإسرائيليين, وعلى رئيس الوزراء الاسرائيلي (نتنياهو) تغيير قواعد اللعبة مع الشعب الفلسطيني في الداخل, وأن الحل الاوحد هو مراجعة سياساته الداخلية مع ذلك الشعب, وأن حركة فتح وحركة حماس لن ولم تكون بديل عن العمل الفردي الذي خرج من رحم الشعب الفلسطيني في الداخل, وأن هذه الحركات خرجت من حساب العمل الفردي في مقاومة الاحتلال.
وبعد..
عمليات المقاومة في الداخل عمليات فردية, وأن (تبني) هذه العمليات واعلان المسؤولية عنها من حركات معينة كذبة مكشوفة لدى الجميع.. ولأنها مقاومة فردية فهي مُقلقة للإسرائيليين, الأمر الذي يجعلهم بحاجة ماسة إلى تغيير سياستهم المتعلقة بالتمسك بالأرض